للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا تعطوها، وهو عطف على {إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا}، يقال: أحْفَى فلانٌ فُلانًا: إذا أجْهَدَهُ وألْحَفَ عليه فِي المسألة، والإلْحافُ: أن تأخذ كل شيء بيدك (١).

قوله: {وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ} عطف على جواب الشرط، والمعنى: يظهر بغضكم وعداوتكم للَّهِ ورسولِهِ، ولكنه فَرَضَ عليكم يَسِيرًا رُبُعَ العُشْرِ في أموالكم، قال قتادة (٢): عَلِمَ اللَّهُ أن في مسألة الأموال خُرُوجَ الأضغان.

قوله تعالى: {هَاأَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} يعني: ما فرض عليهم في أموالهم؛ أي: مما يؤمرون بإخراج ذلك وإنفاقه في طاعة اللَّه {فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ} بما فرض عليه من الزكاة {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} قال مقاتل: إنما يَبْخَلُ بالخير والفضل في الآخرة عن نفسه {وَاللَّهُ الْغَنِيُّ} عما عندكم من الأموال {وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ} إليه وإلى ما عنده من الخير والرحمة، {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا} يعني: عن الإسلام وعما افترضت عليكم {يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} يعني: أمْثَلَ وأطْوَعَ منكم {ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (٣٨)} بل يكونوا خَيْرًا منكم وأطْوَعَ، وكل هذه الآيات شرط ومجازاة.

[فصل]

عن أبِي هريرة رضي اللَّه عنه قال: إن ناسًا من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قالوا: يا رسول اللَّه: مَنْ هؤلاء الذين ذَكَرَ اللَّهُ في القرآن إنْ تَوَلَّيْنا اسْتُبْدِلُوا، ثُمَّ لا يكونوا أمْثالَنا؟ قال: وكان سَلْمانُ الفارسيُّ إلى جَنْبِ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فَضَرَبَ


(١) قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة ٢٩/ أ، وينظر أيضًا: غريب القرآن للسجستانِيِّ ص ١٤٣، الوسيط ٤/ ١٣٠.
(٢) ينظر قوله في الكشف والبيان ٩/ ٣٩، الوسيط ٤/ ١٣٠، تفسير القرطبي ١٦/ ٢٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>