للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو جمع سَعِيرٍ في قول أبي عبيدة (١)، وقال غيره (٢): في ضلال وجنون، يقال: باناقةٌ مَسْعُورةٌ: إذا كانت كَأَنّ بها جُنُونًا.

ثم بيَّنَ ذلك، فقال: {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ} ويقال لهم ذلك اليومَ: {ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (٤٨)} يعني عذاب سَقَرَ {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩) أي: كُلُّ ما خَلَقْناهُ مَقْدُورٌ مَكْتُوبٌ في اللَّوْحِ المحفوظ قبل وقوعه، قال ابن عباس: قَدَّرَ لأهل الجنة الكرامةَ والفضلَ والمنازلَ فيها بِقَدْرِ أعمالهم التي عملوا في الدنيا، وقَدَّرَ لأهل النار منازلَهم فيها وأصنافَ عذابهم على قَدْرِ أعمالهم التي عملوا فِي الدنيا. ونصب كُلًّا بـ "خَلَقْنا" (٣)، وهي من ألفاظ العموم، وتستعمل فيمن يعقل وفيما لا يعقل.

[فصل]

عن عائشة -رضي اللَّه عنها- قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَجُوسُ هذه الأمةِ القَدَرِيّةُ، وهم المجرمون الذين سَمّاهُم اللَّهُ بقوله: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (٤٧) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ} (٤).


(١) الذي قاله أبو عبيدة: "ضَلَالٍ وَسُعُرٍ": جميع سعيرة". مجاز القرآن ٢/ ٢٤١.
(٢) قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة ٨٠/ ب، وينظر: تهذيب اللغة ٢/ ٨٧، المسائل الشيرازيات ص ٥٩٣ - ٥٩٤.
(٣) "كُلًّا" منصوب بـ "خَلَقْنا" المُقَدَّرِ لا المذكورِ، والمسألة من باب الاشتغال.
(٤) رواه ابن أبِي عاصم في كتاب السنة ص ١٤٦، ورواه أبو داود وغيرُه عن ابن عمر بلفظ: "القَدَرِيّةُ مَجُوسُ هذه الأمةِ، إنْ مَرِضُوا فلا تَعُودُوهُم، وإن ماتوا فلا تَشْهَدُوهُم". سنن أبِي داود ٢/ ٤١٠ كتاب السُّنّةِ: باب في القدر، ورواه الطبرانِي في المعجم الأوسط ٣/ ٦٥، وابنُ عدي في الكامل في الضعفاء ٣/ ٢١٢، ٧/ ٧٧، وابن حبان في كتاب المجروحين ١/ ٣١٤، وينظر: الوسيط للواحدي ٤/ ٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>