للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكسائي وخلَفٌ مثلهم إلا أنه بالتخفيف، وقرأ عاصمٌ والحسن بضم التاء وتخفيف الظاء وكسر الهاء (١) إلّا أنه بالألف من المظاهرة، ومن فتح التاء وشدد الظاء والهاء أراد به: تَتَظاهَرُونَ فأدْغَمَ التاءَ فِي الظاء، وحذف حمزة والكسائي وخلَفٌ تاء "تتفاعلون"، وأدغم أهل الشام التاء التي حَذَفَ هؤلاء فقرأ ابن عامر بفتح التاء وتشديد الظاء، وكلها لغاتٌ جاءت عن العرب.

قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ} الأدْعِياءُ: جمع الدَّعِيِّ وهو الذي يُدْعَى ابنًا لِغَيْرِ أبيه، نزلت في زيد بن حارثة؛ إبطالًا وتكذيبًا لِما قالت اليهود والمنافقون: إنه ابن محمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإخبارًا أن الدَّعِيَّ لا يكون ابنًا، وهو قوله تعالى: {ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ}؛ أي: ادِّعاؤُكُمْ نَسَبَ مَنْ لا حقيقةَ لِنَسَبهِ قَوْلٌ بالفم لا حقيقةَ له، {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ}؛ أي: القول الحق، نعت لمصدَر محذوف، ويجوز أن يكون مفعولًا (٢)، {وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (٤) أي: يدعو إلى السبيل، يعني: طريق الحق.

قوله: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ}؛ أي: انْسِبُوهُمْ إلى آبائهم الذين وَلَدُوهُمْ، {هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ}؛ أي: أعْدَلُ عند اللَّه، {فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} أي: فَهُمْ إخوانكم {فِي الدِّينِ} يعني الإسلام {وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} قبل النهي، فنسبتموه -يعنِي زيد بن حارثة- إلَى غَيْرِ أبيهِ بعد النهي، وأنتم تعلمون أنه ليس بأبيه، يعنِي النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، {وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}؛ أي: ولكن الإثم فِي الذي تعمدت قلوبكم.


(١) قرأ أهل الحجاز وأهل البصرة: {تُظَّهَّرُونَ}، وقرأ أهل الشام: {تُظَاهِرُونَ}، وقرأ حمزة: {تُظَاهِرُونَ}، وقرأ عاصم: {تُظَاهِرُونَ}. ينظر: السبعة ص ٥١٩، حجة القراءات ص ٥٧٢، النشر ٢/ ٣٤٧، الإتحاف ٢/ ٣٧٠.
(٢) الوجهان قالهَمَا النحاس في إعراب القرآن ٣/ ٣٠٢، وينظر أيضًا: مشكل إعراب القرآن ٢/ ١٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>