للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البَلَايا الثَّلَاثِ: من الجُنُونِ والجُذامِ والبَرَصِ، فإذا بلغ خمسين سَنةً خَفَّفَ اللَّه حِسابَهُ، وَتَجاوَزَ عن سَيِّئاتِهِ، فإذا بلغ ستين سَنةً أمَّنَهُ اللَّه من الفَزَعِ الأَكْبَرِ، وَرَزَقَهُ الإنابةَ إليه فيما يُحِبُّ، والفَزَعُ الأكْبَرُ هو إطْباقُ بابِ النّارِ حِينَ يُطْبَقُ على أهْلِها، فإذا بلغِ سبعين سَنةً أحَبَّهُ أهْلُ السَّماءِ، فإذا بلغ ثمانين كَتَبَ اللَّه حَسَناتِهِ، وَتَجاوَز عن سَيِّئاتِهِ، فإذا بلغ تسعين غَفَرَ اللَّه لَهُ ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِهِ وما تَأخَّرَ، وَشَفَّعَهُ فِي أهْلِ بَيْتهِ، وكان اسْمُهُ أسِيرَ اللَّهِ فِي أرْضِهِ، فإذا بلغ أرْذَلَ العُمُرِ كي لا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا، كَتَبَ اللَّهُ له مِثْلَ ما كان يَعْمَلُ به فِي صِحَّتِهِ من الخَيْرِ، فَإِنْ عَمِلَ سَيِّئةً لَمْ تكتَبْ عَلَيْهِ" (١).

ثم اسْتَثْنَى الجَماعةَ من الواحد؛ لأن الإنسان اسمُ جِنْسٍ، فقال تعالَى: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} يريد: مِنْهُمْ، فإنه يُكْتَبُ لَهُمْ في حال هَرَمِهِمْ وَخَرَفِهِمْ مِثْلُ الذي كانوا يعملون به في حالِ شَبابِهِمْ وَصِحُّتِهِمْ وَقُوتهِمْ، فذلك قوله -تعالَى-: {فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٦)} يعني: غير منقوص بغير عمل، لا يُمَنُّ عليهم به، ولا يُنْقَصُونَ من أُجُورِهِمْ إذا بَلَغُوا الهَرَمَ.

قوله: {فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (٧) أي: فما يُكَذِّبُكَ أيها الإنسان بعد هذه الحُجّةِ والبُرْهانِ بالبعث والحساب الذي فيه جَزاءُ الأعمالِ، قيل: نزلت هذه الآية في عُتْبةَ بنِ رَبِيعةَ، وقيل: في الوليد بن المغيرة، وقيل: في أبِي جهل ابن هشام، وقيل: في شَيْبةَ، وقيل: في كَلَدةَ بنِ شَيْبةَ.


(١) رواه الإمام أحمد مختصرًا في مسنده ٢/ ٨٩، وأبو يعلى في مسنده ٦/ ٣٥١، ٣٥٢، ٧/ ٢٤٢ - ٢٤٤، وابن حبان في كتاب المجروحين ٣/ ١٣٢، وابن الجوزي في الموضوعات ١/ ١٧٩ - ١٨٠ وقال: "هذا الحديث لا يصح عن رسول اللَّه"، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ١٠/ ٢٠٤ - ٢٠٦ كتاب التوبة: باب فيمن طال عمره من المسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>