للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُمْ (٣٤)} دخلت الفاء فِي خَبَرِ "إنّ"، لأن اسمها {الَّذِينَ} وصلته فِعْلٌ، فَأشْبَهَ المُجازاةَ، فدخلت فيه الفاء، ولو قلت: إنّ زيدًا فَمُنْطَلِقٌ، لَمْ يَجُزْ (١).

قوله: {فَلَا تَهِنُوا}، أي: فلا تَضْعُفُوا، يعني المسلمين، مأخوذ من: وَهَنَ يَهِنُ: إذا ضَعُفَ، والأصل: تَوْهِنُوا، حُذِفَت الواوُ إتْباعًا (٢) {وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ} عطف عليه، ويَجُوزُ أن يكون جَوابًا (٣)، والمعنى: لا تَبْدَؤوهُمْ بالدعاء إلى السلام، يعنِي: فلا تَضْعُفُوا إلَى الصلح والمُوادَعةِ، وقرأ حَمْزةُ وأبو بكر: "السِّلْمِ" بكسر السين، الباقون بالفتح (٤)، والسِّلْمُ والسَّلْمُ والمُسالَمةُ واحد (٥)،


(١) قاله النحاس ومكي، ينظر: إعراب القرآن ٤/ ١٩٢، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٠٨، وينظر ما تقدم في الآية ١٣ من سورة الأحقاف ٣/ ٤٨.
(٢) يعني بالإتباع أن الواو حذفت من "تَهِنُوا" إتْباعًا لحذفها من يَهِنُ، وحملًا عليه؛ لأن الأصل فيه: يَوْهِنُ، فحُذِفَت الياء لوقوعها بين ياء وكسرة، ثُمَّ حُمِلَ أهِنُ وتَهِنُ ونَهِنُ عليه، وإن لَمْ يكن قبل الواو فيها ياءٌ إتْباعًا لِما فيه ياء؛ لِئَلّا يختلف الفعل، ينظر: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٠٩، شرح شافية ابن الحاجب للرضي ٣/ ٨٨.
(٣) يعني أنه إما أن يكون معطوفًا على "تَهِنُوا"، فيكون مجزومًا؛ لأنه داخل في النهي، والمعنى: لَا تَهِنُوا ولَا تَدْعُوا، وإما أن يكون منصوبًا بـ "أنْ" مضمرة وجوبًا بعد الواو الواقعة في جواب النهي كقول الشاعر:
لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ
والوجهان قالهما النحاس في إعراب القرآن ٤/ ١٩٢، وينظر: الفريد للهمداني ٤/ ٣١٧.
(٤) قرأ حمزةُ، وأبو بكر عن عاصمٍ، وأبو رجاء وخلفٌ والحسنُ والأعمش وعيسى بن عمر وطلحة بكسر السين، وقرأ الباقون، وحفصٌ عن عاصم بفتحها، ينظر: السبعة ص ٦٠١، البحر المحيط ٨/ ٨٤، النشر ٢/ ٢٢٧، الإتحاف ٢/ ٤٧٩.
(٥) قاله أبو عبيدة وأبو حاتم والمبرد، ينظر: مجاز القرآن ١/ ٣٥٩، المذكر والمؤنث لأبي حاتم ص ١٣٥، وقول المبرد في إعراب القرآن للنحاس ٤/ ١٩٢، وقد أنكر المبرد التفريق بين السِّلْمِ والسَّلْمِ، وينظر: شفاء الصدور ورقة ٢٨/ ب، الصحاح ٥/ ١٩٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>