للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (٧١)} يعني: التي تُوقِدُونَ وتستخرجون من الحجارة والشجر، يقال: أوْرَى القِدْحُ: إذا أتَى بالنار من الزُّنُودِ (١) اسْتِخْراجًا، ويقال: وَرِيَ الزَّنْدُ يَرِي، فهو وارٍ: إذا انْقَدَحَتْ منه النارُ، وأوْريتُ النارَ: إذا قَدَحْتَها وأظْهَرتَها (٢) {أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا} يعني: خَلَقْتُمُوها {أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ (٧٢)} يعني: الخالقون لها {نَحْنُ جَعَلْنَاهَا} يعني نار الدنيا {تَذْكِرَةً} عِظةً ليتعظ بها المؤمن، وقيل: تذكرة للنار الكبرى -أجارنا اللَّه منها-، {وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ (٧٣)} أي: بُلْغةً للمسافرين الذين لا زادَ لهم ولا مالَ معهم، والمُقْوِي أيضًا: الكَثِيرُ المالِ، وهذا من الأضداد (٣)، والمُقْوِي: المسافر الذي يَنْزِلُ بالأرض القِيِّ والقَواءِ (٤)، وهي القَفْرُ الخالية البعيدة من العُمْرانِ والأهْلِينَ، يقال: أقْوَتِ الدارُ: إذا خَلَتْ من سُكّانِها، قال النابغة:

أقْوَتْ، وَطالَ عَلَيْها سالِفُ الأبَدِ (٥)

وقال آخر:

٣٣٦ - حُيِّيتَ مِنْ طَلَلٍ تَقادَمَ عَهْدُهُ... أقْوَى، وَأقْفَرَ بَعْدَ أُمِّ الهَيْثَمِ (٦)


(١) الزُّنُودُ: جمع زَنْدٍ، وهو العود الأعلى الذي يُقْتَدَحُ به النارُ، والسُّفْلَى: زَنْدةٌ، ويجمع أيضًا على أزْنُدٍ وأزْنادٍ وزِنادٍ، وأزانِدُ: جمع الجمع. اللسان: زند.
(٢) قاله الزجاج في معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ١١٥، وحكاه الأزهري عن ابن السِّكِّيتِ في التهذيب ١٥/ ٣٠٧، وفيه لغة أخرى، يقال: وَرِيَ يَوْرَى، ينظر: التهذيب ١٥/ ٣٠٧، الصحاح ٦/ ٢٥٢٢.
(٣) ينظر: الأضداد لقطرب ص ٩٢، الأضداد لابن الأنباري ص ١٢٢ - ١٢٣، الأضداد لأبِي الطيب ٢/ ٥٦٩ - ٥٧١، التهذيب ٩/ ٢٦٨ - ٢٦٩.
(٤) قاله الفراء والزجاج، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ١٢٩، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ١١٥، وينظر: التهذيب ٩/ ٣٦٩، شمس العلوم ٨/ ٥٦٧٩.
(٥) سبق تخريج البيت كاملًا برقم ٢٦٥، ٣/ ١١٨.
(٦) البيت من الكامل، لعنترة من معلقته. =

<<  <  ج: ص:  >  >>