للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدنيا والآخرة إلّا الوَيْلُ، وعاملٌ صالحٌ في سبيل هُدًى، يبتغي به وجه اللَّه والدارَ الآخرةَ، فله الجنة في الآخرة، وعامِلُ خَطَأ وذُنُوبٍ، ثوابه عقوبة اللَّه إلّا أن يعفو عنه، فإنه أهل التقوى وأهل المغفرة" (١).

قوله تعالى: {تَرَى الظَّالِمِينَ}، يعني: فِي الآخرة {مُشْفِقِينَ} خائفين وَجِلِينَ {مِمَّا كَسَبُوا} يعني: من الشِّرْكِ {وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ} يعني العذاب، ونصب {مُشْفِقِينَ} على الحال، وباقي الآية ظاهر التفسير.

قوله تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ} يعني: على الإيمان {أَجْرًا} يعني: جُعْلًا {إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} نصب المودة على البدل من قوله: {لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا}، وهو استثناء ليس من الأول، وليس المعنى: أسألكم المودة في القُرْبَى، لأن الأنبياء -عليهم السلام- لا يسألون أجرًا على تبليغ الرسالة، والمعنى: ولكنْ أُذَكِّرُكُم المودةَ فِي القُرْبَى (٢).

قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً}؛ أي: يَكْسِبْ حَسَنةً واحدةً {نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا}؛ أي: نضاعف له الحسنة الواحدة عشرًا فصاعدًا، وهو شرط وجزاء،


(١) ينظر: الكشف والبيان ٨/ ٣٠٩.
(٢) قاله الزجاج في معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٣٩٨، وهو يعني أنه استثناء منقطع، وينظر: معانِي القرآن للنحاس ٦/ ٣٠٨، إعراب القرآن ٤/ ٨٠، وأجاز أحمد بن يحيى أن يكون هذا الاستثناء متصلًا، فقال: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}، يقال فيها على ضربين، أحدهما: تَوَدُّوني في العرب؛ أي: تحفظوني في العرب؛ لأنه ليس بَطْنٌ من العرب إلّا وقد وَلَدْتَهُ، والأخرى: أن تحفظوا قرابتي. . . قال: "أن تَوَدُّونِي في قرابتي بكم، أو تَوَدُّوا قرابتي فِيَّ". مجالس ثعلب ص ٢٢٢، وأجاز الزمخشري الوجهين أيضًا، ينظر: الكشاف ٣/ ٤٦٦، وينظر أيضًا: التبيان للعكبري ص ١١٣٢، الفريد للهمداني ٤/ ٢٤٠ - ٢٤١، البحر المحيط ٧/ ٤٩٤، الدر المصون ٦/ ٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>