للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {وَنَسْرًا (٢٣) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا} قال مقاتل (١): معناه: أضَلَّ كُبَراؤُهُمْ كَثِيرًا من الناس، ويجوز أن يكون المعنى: أضَلَّ الأصنامُ كثيرًا (٢)، أي: ضَلُّوا بعبادتها وَسَبَبِها، نظيرها قوله - تعالى: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ} (٣)، {وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (٢٤)} دَعا عليهم نُوحٌ بعد أن أعْلَمَهُ اللَّهُ أنَّهُمْ لا يؤمنون، وهو قوله: {أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ} (٤).

قوله: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} يعني: بالطوفان، و"ما" زائدة للتوكيد، أي: من خَطِيئاتِهِمْ، وقرأ أبو عمرو: {خَطاياهُمْ}، وهو في موضع خفض بـ "مِنْ"، وكلاهما جمع خطيئة، وقرأ أبو حَيْوةَ والأعمشُ: "خَطِيئَتِهِمْ" (٥) على الواحد.

وقوله: {فَأُدْخِلُوا نَارًا} يعني: فِي الآخرة، ونصب {نَارًا} لأنه مفعولٌ ثانٍ خَبَرٌ لِما لَمْ يُسَمَّ فاعلُهُ، وجاء لفظ المُضِيِّ بمعنى الاستقبال لصدق الوعد به (٦)،


= لأنهما إن كانا عَرَبِيَّيْنِ أو عَجَمِيَّيْنِ ففيهما سَبَبا مَنْعِ الصرف، إما التعريف ووزن الفعل، وإما التعريف والعجمة". الكشاف ٤/ ١٦٤، وينظر: الفريد للهمدانِيِّ ٤/ ٥٣٦ - ٥٣٧، البحر المحيط ٨/ ٣٣٦.
(١) ينظر قوله في الوسيط ٤/ ٣٥٩، ومعناه أن الضمير في "أضَلُّوا" للكفار.
(٢) يعني أن الضمير للأصنام، وهذا قول الفراء في معانِي القرآن ٣/ ١٨٩، وينظر: إعراب القرآن ٥/ ٤٢، الوسيط ٤/ ٣٥٩، ٣٦٠، تفسير القرطبي ١٨/ ٣١٠، البحر المحيط ٨/ ٣٣٦.
(٣) إبراهيم ٣٦.
(٤) هود ٣٦.
(٥) قرأ أبو عمرو والحسن وعيسى بن عمر والأعرج: {خَطاياهُمْ}، وقرأ أبو حيوة والأعمش وعاصم الجحدري والأشهب العقيلي، وعبيدٌ عن أبِي عمرو: {خَطِيئَتِهِمْ} بالإفراد، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٦٢، تفسير القرطبي ١٨/ ٣١٠ - ٣١١، البحر المحيط ٨/ ٣٣٦، الإتحاف ٢/ ٥٦٤.
(٦) قاله الزمخشري وابن عطية، ينظر: الكشاف ٤/ ١٦٥، المحرر الوجيز ٥/ ٣٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>