للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي معنى مَكْرِهِمْ، فقال ابن عباس: قالوا قَوْلًا عظيمًا، وقال الضحاك: افْتَرَوْا على اللَّه كَذِبًا، وكَذَّبُوا رُسُلَهُ، وقيل: إن الرؤساء حَرَّشُوا سِفْلَتَهُمْ (١) على قَتْلِ نُوح، {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ}؛ أي: قالوا للضعفاء: لا تَذَرُنَّ عِبادةَ آلِهَتِكُمْ {وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا}؛ أي: عِبادةَ وَدٍّ {وَلَا سُوَاعًا}.

قرأ أهل المدينة: "وُدًّا" بضم الواو، وقرأ غيرهم بِفَتْحِهِ (٢)، وهما لغتان، والفتح في وَدٍّ أشْهَرُ وأعْرَفُ، قال الأخفش (٣): ولعل الضم أن يكون لغةً في اسم الصنم.

قوله: {وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ} قَرَأهُ العامّةُ غَيْرَ مُجْرًى فيهما، قال أبو حاتم (٤): لأنهما على بناء فِعْلٍ مضارعٍ، وهما على وزن: يَقُومُ ويَقُولُ، وهما -مع ذلك- أعجميانِ معرفةٌ، فلم ينصرفا.

وقرأ الأعمش وأشْهَبُ العُقَيْلِيُّ: "وَلَا يَغُوثًا وَيَعُوقًا" مصروفين (٥)؛ لأنهما جعلاهما نكرتين، وهذا لا معنى له، إذْ لَيْسَ كُلُّ صَنَمٍ اسْمُهُ يَغُوثُ ويَعُوقُ، إنما هما اسمان لِصَنَمَيْنِ معروفين مخصوصين، فلا وجه لتنكيرهما (٦).


(١) حَرَّشُوا سِفْلَتَهُمْ: أغْرَوْهُمْ بِقَتْلِ نُوحٍ. اللسان: حرش.
(٢) قرأ نافع وأبو جعفر وشَيْبةُ: "وُدًّا" بضم الواو، ورُوِيتْ عن أبِي بكر عن عاصم، وقرأ بقية السبعة وحَفْصٌ عن عاصم، والحسنُ والأعمشُ وطلحةُ بفتح الواو، ينظر: السبعة ص ٦٥٣، البحر المحيط ٨/ ٣٣٥، الإتحاف ٢/ ٥٦٤.
(٣) ينظر قوله في الحجة للفارسي ٤/ ٦٧، الوسيط للواحدي ٤/ ٣٥٩.
(٤) ينظر قوله في الكشف والبيان ١٠/ ٤٥، ٤٦.
(٥) وبها قرأ أيضًا المُطَّوِّعِيِّ، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٦٢، البحر المحيط ٨/ ٣٣٦، الإتحاف ٢/ ٥٦٤.
(٦) قاله مَكِّيٌّ في مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤١٢، وقال الزمخشري: "وهذه قراءةٌ مُشْكِلةٌ؛ =

<<  <  ج: ص:  >  >>