للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٦) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا} صَوْتًا مِثْلَ أوَّلِ نَهِيقِ الحِمارِ، وهو أقبح الأصوات، {وَهِيَ تَفُورُ (٧)} تَغْلِي بِهِمْ كَغَلْيِ المِرْجَلِ، وقيل (١): تَفُورُ بِهِمْ كما يَفُورُ الماءُ الكثيرُ بالحَبِّ القَلِيلِ.

و {عَذَابِ جَهَنَّمَ} رفع على خبر اللام الزائدة، ومن قرأ: {عَذَابَ جَهَنَّمَ} (٢) بنصب الباء نصبه بالعطف على قوله: {وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ} (٣).

{تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ} يعني جهنم؛ أي: يَتَمَيَّزُ بَعْضُها من بعض من الغيظ على أعداء اللَّه، وقرأ البَزِّيُّ: {تَمَيَّزُ} (٤) بتشديد التاء، وأصله: تَتَمَيَّزُ، فأدغمت التاء فِي التاء {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ}؛ أي: جماعة، وقيل: قوم {سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا} وهم الملائكة خُزّانُ جَهَنَّمَ {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (٨) أي: رَسُولٌ يُحَذِّرُكُم النارَ، ويُخْبِرُكُمْ بِدِينِ اللَّه، وهذا التوبيخ زِيادةٌ لهم في العذاب، و {كُلَّمَا} نصب بـ {أُلْقِيَ} على الظرف.

قوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ} يعني: نسمع الهدى أو نعقله {مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (١٠)} قال الزَّجّاجُ (٥): معناه: لو كُنّا نَسْمَعُ سَمْعَ مَنْ يَعِي ويتفكر، أو نَعْقِلُ عَقْلَ مَنْ يُمَيِّزُ وينظر، ما كنا من أهل النار.


(١) قاله مجاهد، ينظر: شفاء الصدور ورقة ١٤٨/ أ.
(٢) قرأ الضحاك والأعرج وأُسَيْدٌ المُزَنِيُّ، والحسنُ في رواية هارون عنه: {عَذَابُ جَهَنَّمَ} بالنصب، ينظر: إعراب القرآن للنحاس ٤/ ٤٦٩، شواذ القراءة ورقة ٢٤٦، البحر المحيط ٨/ ٢٩٤.
(٣) الملك ٥.
(٤) بإدغام التاء في التاء، وقرأ أبو عمرو: {تَكَادُ تَمَيَّزُ} بإدغام الدال في التاء على أصله في إدغام المتقاربين، ينظر: المحرر الوجيز ٥/ ٣٣٩، البحر المحيط ٨/ ٢٩٤، الدر المصون ٦/ ٣٤٢.
(٥) معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ١٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>