للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ}؛ أي: قَضَى عليهم أنَّهُمْ يَخْرُجُونَ عن أوطانهم إلى الشام {لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا} بالقتل والسَّبْيِ كما فعل بِبَنِي قُرَيْظةَ، يقال: جَلا قَوْمٌ عَنْ دِيارِهِمْ جَلاءً: إذا هَرَبُوا، وأجْلَاهُم غَيرُهُمْ إجْلاءً (١)، والجَلَاءُ: الهَرَبُ والخُرُوجُ عن الأوطان، تقول: إمّا حَرْبٌ مُجْلِيةٌ أوْ سِلْمٌ مُخْزِيةٌ (٢)، المعنى: إمّا حَرْبٌ ودَمارٌ وخُرُوجٌ عن الديار، وإمّا صُلْحٌ وقَرارٌ على صَغارٍ {وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ (٣)}.

قوله تعالى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ} اللِّينةُ: النَّخْلُ كُلُّهُ ما خَلا العَجْوةَ والبَرْنيَّ (٣)، وقيل (٤): هي ألوان النخل كُلُّها من غير استثناء، وقيل (٥): هي النخلة القريبة من الأرض، واحدها: لِوْنٌ، وجمعها: لِوانٌ، ذَهَبَت الواوُ لكسرة اللام (٦)،


(١) قاله النقاش فِي شفاء الصدور ورقة ١١٥/ أ.
(٢) قال ابن قتيبة: "والعرب تقول: إمّا سِلْمٌ مُخْزِيةٌ، وإمّا حَرْبٌ مُجْلِيةٌ". أدب الكاتب ص ٤٢٤، وأورد البيهقيُّ هذا القول فِي كلام لأبِي بكر الصديق، رحمه اللَّه، فِي السنن الكبرى ٨/ ١٨٣/ كتاب قتال أهل البغي: باب من قال: يُتْبَعُونَ بالدَّمِ، وينظر: الفائق للزمخشري ١/ ١٩٦، النهاية لابن الأثير ٢/ ٢٨١، اللسان: جلا.
(٣) قاله ابن عباس وعكرمة وابن جبير والزهري ويزيد بن رومان وأبو عبيدة، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ١٤٤، مجاز القرآن ٢/ ٢٥٦، جامع البيان ٢٨/ ٤٢، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ١٤٤، إعراب القرآن ٤/ ٣٩١، الكشف والبيان ٩/ ٢٧٥، تفسير القرطبي ١٨/ ٨.
(٤) قاله ابن عباس ومجاهد وابن زيد وعمرو بن ميمون، ينظر: جامع البيان ٢٨/ ٤٢ - ٤٣، إعراب القرآن ٤/ ٣٩١، الكشف والبيان ٩/ ٢٧١، تفسير القرطبي ١٨/ ٨ - ٩.
(٥) ذكره الثعلبي بغير عزو فِي الكشف والبيان ٩/ ٢٧١، وينظر: عين المعانِي ورقة ١٣٣/ أ، تفسير القرطبي ١٨/ ٩.
(٦) هذا الكلام معناه أن اللينة مشتقة من اللَّوْنِ، فتكون الياء فيها منفلبة عن واو، وأصلها لِوْنةٌ، وهذا قول أبِي عبيدة والأخفش والزجاج، ينظر: مجاز القرآن ٢/ ٢٥٦، معانِي القرآن للأخفش ص ٤٩٧، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ١٤٤، وقال النحاس رَدًّا على هذا الرأي: =

<<  <  ج: ص:  >  >>