للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحاء، وحُجَّتُهُ قولُه تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ} (١)، ومِثْلَهُ رَوَى عَبّاسٌ (٢) عن أبِي عمرو، والرفع في اسم اللَّه في هذه القراءة على البيان للفاعل، كأنه لَمّا قال: "يُوحَى إلَيْكَ". قيل: مَنِ الّذِي يُوحِي؟ فقيل: اللَّهُ (٣)، ومثله قراءة من قرأ: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ} (٤) بفتح الباء، وهي قراءة أبِي بكر بن عَيّاشٍ وابن عامر، وقرأه الباقون بالكسر فيهما، {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ} فوق خلقه {الْعَظِيمُ (٤)} فلا أكبَرَ منه.

قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ}؛ أي: ومثل ما ذكرنا {أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} يا محمد {قُرْآنًا عَرَبِيًّا}؛ ليقيموا ما فيه، وكاف "كَذَلِكَ" في الموضعين منصوب المَحَلِّ، أي: مِثْلَ ذَلِكَ يُوحَى إليك (٥)، قيل: هو تشبيهُ الوحي بالوحي، لا أنّ هذا اللفظ والمعنى أُوحِيَ إلى مَنْ قَبْلَهُ. وقوله: {لِتُنْذِرَ}؛ أي: لكي تنذر بالقرآن {أُمَّ


(١) الزمر ٦٥.
(٢) هو العباس بن الفضل بن عمرو بن عبيد، أبو الفضل الواقفي الأنصاري، قاضي الموصل، قارئ حاذق ثقة، من أكابر أصحاب أبِي عمرو البصري، كان عظيم القدر، جليل المَنْزِلةِ في العلم والدين والورع، مقدَّمًا في القرآن والحديث، توفِّي سنة (١٨٦ هـ). [غاية النهاية ١/ ٣٥٣، ٣٥٤، الوافي بالوفيات ١٦/ ٦٣٧، الأعلام ٣/ ٢٦٤].
(٣) يعني أنه على هذه القراءة فاعلٌ بفعلٍ محذوفٍ، والتقدير: يُوحِيهِ اللَّهُ، ويجوز أن يكون خبرًا لمبتدأ محذوف، تقديره: المُوحِي اللَّهُ، ويجوز أن يكون مبتدأ، وخبرُهُ {الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، ويجوز أن يكون {الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} نعتًا له، والخبر {لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ}، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٣٩٣، إعراب القرآن ٤/ ٧١، ومعانِي القرآن للنحاس ٦/ ٢٩٢، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٧٥، الفريد للهمداني ٤/ ٢٣٥، الدر المصون ٦/ ٧٤.
(٤) النور ٣٦، وقد تقدم تخريج هذه القراءة ص ١٥٥.
(٥) يعني أن الكاف هنا نعت لمصدر محذوف، ينظر: معاني القرآن وإعرابه ٤/ ٣٩٣، إعراب القرآن ٤/ ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>