للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعْرَفُ بِمَوْضِعِ صاحِبِهِ من أحدكم بِمَنْزِلِهِ، فتأتون أفواجًا، ثم يَنْزِلُ إسرافيلُ عليه السّلام من فوق السماء السابعة إلَى الأرض، فيجلس على صَخْرةِ بَيْتِ المَقْدسِ، فيأخذ أرْواحَ المؤمنين والكفار كُلَّها البِيضَ والسُّودَ، فيجعلها في القَرْنِ، وَدارةُ فَمِ القَرْنِ مَسِيرةُ خَمْسِمِائةِ عامٍ ما بين السماء والأرض مثل النَّحْلِ، فيذهب كُلُّ رُوحٍ فيقع في جَسَدِ صاحِبهِ، فَيَخْرُجُ الناسُ من قبورهم فَوْجًا فَوْجًا، فذلك قوله تعالى: {فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا} (١).

{وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ} لِنُزُولِ الملائكة {فَكَانَتْ أَبْوَابًا}؛ أي: ذات أبواب، قرأ أهل الكوفة: "فُتِحَت" بالتخفيف، وقرأ الباقون بالتشديد (٢)، {وَسُيِّرَتِ الجِبَالُ}؛ أي: اقْتُلِعَتْ من أماكنها {فَكَانَتْ سَرَابًا (٢٠) أي: هَباءً مُنْبَثًّا كالتراب بعد شِدَّتِها وَصَلَابَتِها، والسَّرابُ: الذي يَتَخَيَّلُ لِصاحِبِهِ أنه شيء فَيَتْبَعُهُ وليس بشيء.

ثم قال: {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (٢١)} يعني: مَحَلًّا، وقيل: مُعَدّةً، يقال: أرْصَدْتُ لَهُ بكذا: إذا أعْتَدْتَهُ له لِوَقْتِهِ (٣)، والإرْصادُ فِي الشَّرِّ (٤)، وقيل (٥): أرْصَدْتُ وَرَصَدْتُ في الخَيْرِ والشَّرِّ جميعًا.


(١) رواه النقاش عن ابن عباس في شفاء الصدور ورقة ٢٠١/ ب.
(٢) قرأ بالتخفيف عاصمٌ وحَمْزةُ والكسائيُّ وخَلَفٌ والأعمشُ، وقرأ بالتشديد ابنُ كثير ونافعٌ وأبو عمرو وابن عامر وأبو جعفر ويعقوبُ، ينظر: السبعة ص ٥٦٤ - ٦٦٨، الإتحاف ٢/ ٤٣٢، ٥٨٣.
(٣) قاله الأصمعي والكسائي، ينظر: تهذيب اللغة ١٢/ ١٣٦، ١٣٧، الصحاح ٢/ ٤٧٤.
(٤) قاله ابن قتيبة في غريب القرآن ص ١٩٢، وحكاه الأزهري عن الليث في التهذيب ١٢/ ١٣٧.
(٥) قاله أبو زيد وابن الأعرابِيِّ، ينظر قولهما في: أدب الكاتب ص ٣٤٢، ٣٤٣، وغريب القرآن لابن قتيبة ص ١٩٢، معانِي القرآن للنحاس ٣/ ٢٥٣، تهذيب اللغة ١٢/ ١٣٧، غريب القرآن للسجستانِيِّ ص ٦٨، تفسير القرطبي ٨/ ٢٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>