للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما لا يَشُوبُهُ غَيْرُهُ، يقال: أخْلَصْتُ هذا من هذا، لكلِّ ما أخْرَجْتَهُ مِنْ شَوْبِ غَيْرِهِ (١)، والخالص: هو الذي لا يخالطُه شِرْكٌ، ولا يُمازِجُهُ شَكٌّ، ولا يَشُوبُهُ رِياءٌ، ولا يُطْلَبُ عليه جَزاءٌ، ونصب "مُخْلِصًا" على الحال، و"الدِّينَ" مفعول به، أي: تُخْلِصُ له الدِّينَ.

قوله: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} يعني الأصنام {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} يعني: مَنزِلةً؛ أي: لِيَشفَعُوا لنا إلى اللَّهِ، والتقرب: الشفاعة، والزُّلْفَى: القُرْبَى، واحدتها: زُلْفةٌ وقُرْبةٌ، وهي اسمٌ أُقِيمَ مُقامَ المَصْدَرِ، كأنه قال: إلا ليقربونا إلى اللَّه تقريبًا، فهي في موضعِ نصبٍ على المصدر، وقيل: على المفعول له (٢).

قوله عَزَّ وَجَلَّ: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ}؛ أي: لِلْحَقِّ، {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ} يعني: يُغِشِي هَذا هَذا، ويُغْشِي هَذا هَذا (٣)، فتذْهِبُ ظُلْمةُ اللَّيْلِ ضَوْءَ النَّهارِ، ويُذْهِبُ ضَوْءُ النَّهارِ ظُلْمةَ اللَّيْلِ، نظيره قوله تعالى: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ} (٤)، والتكوير: طرح الشيء بعضه على بعضٍ. وأصل التكوير اللَّفُّ والجَمْعُ، من: كَوَّرَ يُكَوِّرُ تَكْوِيرًا: إذا جَمَعَهُ، ومنه: كَوْرُ العِمامةِ (٥).


(١) الشَّوْبُ: الخَلْطُ. اللسان: شوب.
(٢) كونه مصدرًا هو ما قاله أكثر العلماء، ولَمْ أقف على قولٍ يجيز كونَه مفعولًا له، وقد أجاز العكبري إعرابَهُ حالًا مؤكِّدة، فقال: "و"زُلْفَى" مصدرٌ أو حالٌ مُؤَكِّدةٌ". التبيان ص ١١٠٨، وينظر: الفريد ٤/ ١٨٤، الدر المصون ٦/ ٥.
(٣) قال النحاس: "قال الضحاك: أي: يُلْقِي هذا عَلَى هذا، وهذا عَلَى هذا". إعراب القرآن ٤/ ٤، وقال أبو عمر الزاهد: "أي: يُدْخِلُ هذا في هذا، وهذا في هذا". ياقوتة الصراط ص ٤٤٣.
(٤) الأعراف ٥٤، والرعد ٣.
(٥) من أول قوله: "وأصل التكوير اللَّفُّ"، قاله ابن قتيبة في غريب القرآن ص ٣٨٢، وينظر: =

<<  <  ج: ص:  >  >>