للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمعنى: ولَمْ تعمل أيديهم؛ أي: وجدوها مغلولةً، فلا صُنْعَ لهم، والثانِي: بمعنى المصدر؛ أي: ومِنْ عَمَلِ أيديهم، والثالث بمعنى "الَّذِي"؛ أي: ومما عملت أيديهم من الحروث والغروس.

فمن قرأ: "عَمِلَتْهُ" بالهاء جعلها عائدة إلى "ما" التي هي بمعنى "الذي"، ومن قرأ بحذف الهاء فلأنّ هذه الهاء الراجعة إلى الموصول تجيء محذوفةً في أكثر القرآن، كقوله تعالى: {أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا} (١)، {وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} (٢)، وتكون هذه القراءة كقراءة من قرأ: "عَمِلَتْهُ"؛ لأن الهاء مُرادةٌ وإن حُذِفَتْ من اللفظ (٣).

قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ}؛ أي: نرمي بالنهار عن الليل فنأتِي بالظُّلْمة (٤)، وذلك أن الأصل هي الظُّلمة والنهار داخلٌ عليه، فإذا غربت الشمس انسلخ النهار من الليل؛ أي: كُشِطَ وأُزِيلَ فتظهر الظُّلمة (٥)، وذلك قوله تعالى: {فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (٣٧) أي: داخلون في ظلام الليل، و {اللَّيْلُ} رفع بالابتداء، {وَآيَةٌ} خبره إلا أنّ الخبر مقدَّمٌ على الاسم، {فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ} ابتداءٌ وخبرٌ.


(١) الفرقان ٤١.
(٢) النمل ٥٩.
(٣) ينظر: معانِي القرآن للفراء ٢/ ٣٧٧، معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٢٨٦، إعراب القرآن ٣/ ٣٩٤، الحجة للفارسي ٣/ ٣٠٧، المسائل المشكلة ص ٣٥٢ - ٣٥٣، المسائل الشيرازيات ص ٥٠٣، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٢٦، المحرر الوجيز ٤/ ٤٥٣، البحر المحيط ٧/ ٣٢٠، الدر المصون ٥/ ٤٨٤، ١٨٥.
(٤) قاله الفراء في معانِي القرآن ٢/ ٣٧٨، وينظر: زاد المسير ٧/ ١٧.
(٥) قاله الواحدي في الوسيط ٣/ ٥١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>