للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} يعني: بالليل أوَّلَ ما يَطْلُعُ كُلَّ ليلةٍ فِي منزلٍ، ويصعد فِي مَنْزِلٍ، حتى ينتهي إلى مستقره الذي لا يجاوزه، ثم يعود إلى أدْنَى منازله، فيكون كالعُرْجُونِ القديم.

قرأ نافعٌ وابن كثيرٍ وأبو عمرٍو وأيوب ويعقوب -غَيْرَ رُوَيْسٍ-: "والقَمَرُ" بالرفع (١)، واختاره أبو حاتمٍ، قال (٢): لأنّكَ شَغَلْتَ الفعلَ عنه، فرفعته بالابتداء، وقرأ الباقون بالنصب، واختاره أبو عُبيدٍ، قال (٣): للفعل المتقدم قبله والمتأخر بعده، فأما المتقدم فقوله: {نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ}، وأما المتأخر فقوله: {قَدَّرْنَاهُ}.

وقال طاهر بن أحمد (٤): الرَّفع محمولٌ على الشمس، والنصب محمولٌ على {تَجْرِي} أو على إضمار فعلٍ ليس له موضعٌ من الإعراب.

وقوله: {قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ}؛ أي: قَدَّرْنا له منازلَ (٥)، وهي ثمانيةٌ وعشرون مَنْزِلًا، يَنْزِلُ القمرُ كل ليلةٍ بمَنْزِلٍ، وأسماؤها: الشَّرَطانُ، والبُطَيْنُ، والثُّرَيّا، والدَّبَرانُ، والهَقْعةُ، والهَنْعةُ، والذِّراعُ، والنَّثْرةُ، والطَّرْفُ، والجَبْهةُ، والزُّبْرةُ، والصَّرْفةُ، والعَوّاءُ، والسِّماكُ، والغَفْرُ، والزُّبانَى، والإكْلِيلُ، والقَلْبُ، والشَّوْلةُ،


(١) وهي أيضًا قراءة الحَسَنِ وَرَوْحٍ واليزيدي وابن محيصن، ينظر: السبعة ص ٥٤٠، الكشف ٢/ ٢١٦، تفسير القرطبي ١٥/ ٢٩، البحر المحيط ٧/ ٣٢٢، الإتحاف ٢/ ٤٠٠.
(٢) ينظر قول أبِي حاتم في الكشف والبيان ٨/ ١٢٨، تفسير القرطبي ١٥/ ٢٩.
(٣) ينظر قول أبِي عبيد في إعراب القرآن للنحاس ٣/ ٣٩٤، الكشف والبيان ٨/ ١٢١، تفسير القرطبي ١٥/ ٢٩.
(٤) شرح جمل الزجاجي ١/ ٩٥.
(٥) هذا أحد قولين قالهما النحاس، ومعناه أن الهاء في "قدرناه" نصب على نزع الخافض، فيكون كقوله تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا} [الأعراف: ١٥٥]. إعراب القرآن ٣/ ٣٩٤، وفيه أوجه أخرى تنظر في مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٢٦، الفريد ٤/ ١٠٩، الدر المصون ٥/ ٤٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>