للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا}؛ يعني أعمالهم الصالحة التي عملوها في الدنيا، فنُثِيبُهُمْ عليها في الآخرة {وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ}، فلا نعاقبهم بها {فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ} {فِي} بمعنى "مَعَ"، أي: مع أصحاب الجنة (١) {وَعْدَ الصِّدْقِ} نصب على المصدر (٢) {الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (١٦)} وهو قوله: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ} (٣).

قوله تعالى: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ}؛ يعني: من القَبْرِ {وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي}؛ يعني الأمم الخالية، فلم أرَ أحَدًا بُعِثَ، قرأ هشام: "أتَعِدانِّي" بنون واحدة مشددة، الباقون بنونين، وفتح الياء منه نافع وابن كثير، وأسكنها الباقون (٤).


= المصدر كان "كَرْهَا"، كما تقول: لا يقوم إلّا كَرْهًا، وتقول: لا يقوم إلّا على كُرْهٍ، وهما سَواءٌ". معانِي القرآن ص ١٧١. وقال النحاس: "وقال الكسائيُّ: الكَرْهُ والكُرْهُ بمعنى واحد، وكذلك هو عند البصريين جميعًا، لا أعلم بينهم اختلافًا؛ لأن الكَرْهَ المصدر، والكُرْهَ اسم بمعناه". معانِي القرآن للنحاس ٦/ ٤٤٨، ولكن الفَرّاءَ فَرَّقَ بينهما، قال الأزهري: "وقد أجْمَعَ كثيرٌ من أهل اللغة أن الكَرْهُ والكُرْهُ لغتان، فبأيِّ لغةٍ قُرِئَ فجائز، إلّا الفَرّاءَ، فإنه زعم أن الكُرْه ما أكْرَهْتَ نَفْسَكَ عليه، والكَرْهُ ما أكْرَهَكَ غَيْرُكَ عليه، جئتك كُرْهًا وأدْخَلْتَنِي كَرْهًا. . . وقال الليث في الكُرْه والكَرْه: إذا ضَمُّوا أو خَفَضُوا قالوا كُرْهٌ، وإذا فتحوا قالوا: "كَرْهًا"، تقول: فعلته على كُرْهٍ وهو كُرْهٌ وتقول: فعلته كَرْهًا". تهذيب اللغة ٦/ ١٢ - ١٣.
(١) قاله الثعلبي في الكشف والبيان ٩/ ١٢، وينظر: تفسير القرطبي ١٦/ ١٩٦، البحر المحيط ٨/ ٦١، الدر المصون ٦/ ١٣٩.
(٢) وهو مصدر مؤكد لِمضمونِ الجملة قبله، قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٤/ ٤٤٣.
(٣) التوبة ٧٢.
(٤) قرأ هشام والحسن وابن محيصن وعاصم، وأبو عمرو في روايةٍ عنه: "أتَعِدانِّي" بنون واحدة مشددة، وقرأ الباقون بنونين، وفتح ياءَهُ نافعٌ وابنُ كثير وأبو جعفر، وأسكنها الباقون. ينظر: السبعة ص ٥٩٧، البحر المحيط ٨/ ٦٢، النشر ١/ ٣٠٣، الإتحاف ٢/ ٤٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>