للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنه قال: "رأى عُمَرُ رضي اللَّه عنه فِي يدي لَحْمًا مُعَلَّقًا، فقال: ما هذا يا جابر؟ قلتُ: اشْتَهَيْتُ لَحْمًا فاشتريتُهُ، قال عُمَرُ: أوَ كُلَّما اشْتَهَيْتَ يا جابرُ اشْتَرَيْتَ؟ أما تَخافُ هذه الآيةَ يا جابرُ: "أذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا؟ " (١).

ورُوِيَ أن عُتْبةَ (٢) بنَ فَرْقَدٍ دخل على عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه، وهو يَكْدِمُ (٣) كَعْكًا شامِيًّا، ويَتَفَوَّقُ لَبَنًا حازِرًا (٤)، فقال: يا أمير المؤمنين: لَوْ أمَرْتَ أنْ يُصْنَعَ لك طَعامٌ ألْيَنُ من هذا؟ فقال: يا ابن أُمِّ فَرْقَدٍ: أتَرَى أحَدًا من العرب أقْدَرَ على ذلك مِنِّي؟! فقال: ما أحَدٌ أقْدَرُ على ذلك منك يا أمير المؤمنين، فقال عمر: سمعتُ اللَّهَ عَيَّرَ أقوامًا فقال: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} (٥).

قوله تعالى: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ}؛ أي: واذكر يا محمدُ لِقَوْمِكَ أهْلِ مَكّةَ أخا عادٍ،


(١) رواه النقاش في شفاء الصدور ورقة ١٧/ ب، والحاكم في المستدرك ٢/ ٤٥٥ كتاب التفسير: سورة الأحقاف، وينظر: الكشف والبيان ٩/ ١٥، الوسيط ٤/ ١١٢، زاد المسير ٧/ ٣٨٢، ٣٨٣، الدر المنثور ٦/ ٤٢.
(٢) في الأصل: "عبيدة" وهو خطأ، وهو عتبة بن فَرْقَدِ بن يَرْبُوعَ بن حبيب بن مالك، أبو عبد اللَّه السلمي، له صحبة ورواية، كان شريفًا في قومه، وكان عاملًا لِعُمَرَ على بعض فتوح العراق، وهو الذي فتح الموصل سنة (١٨ هـ)، ثم نزل الكوفة، وتوفِّي بها. [أسد الغابة ٣/ ٣٦٥، ٣٦٦، تهذيب الكمال ١٩/ ٣١٩ - ٣٢١].
(٣) يَكْدِمُ: يَعَضُّ، والكَدْمُ: الأكْلُ بجَفاءٍ. اللسان: كدم.
(٤) يَتَفَوَّقُ لَبَنًا: يشربه، ومنه: تَفَوَّقَ الفَصِيلُ؛ أي: شَرِبَ اللَّبَنَ. والحازِرُ: الحامض، يقال: حَزَرَ اللَّبَنُ يَحْزُرُ حَزْرًا وحُزُورًا: إذا حَمَضَ.
(٥) هذه القصة رواها الواحدي في الوسيط ٤/ ١١٢، وينظر: تاريخ دمشق ٤٤/ ٢٩٥ - ٢٩٧، زاد المسير ٧/ ٣٨٣، عين المعانِي ورقة ١٢٢/ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>