للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْهُ} يعني العذاب {عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}؛ أي: سحاب يمطرنا، وذلك أن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ حَبَسَ عنهم المطرَ أيامًا، ثم ساق إليهم سحابةً سوداءَ، فخرجت على قوم عاد من وادٍ لهم (١) يُقال له: المغيث، فلما رأوها استقبلتْ أوديتَهُم اسْتَبْشَرُوا بها، وقالوا: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}؛ أي: غَيْم فيه مَطَرٌ، فقال هود: {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ}، ثُمَّ بَيَّنَ ما هو فقال: {رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٤)} والريح التي عُذِّبُوا بها نَشَأتْ من ذلك السحاب (٢).

وقوله: {مُمْطِرُنَا} نكرة، وإن كان مضافًا إلى معرفة؛ لأن إضافته غير محضة، فلولا أنه نكرة لَمْ يَنْعَتْ به عارِضًا وهو نكرة (٣)، قال الشاعر:

٢٤٦ - يا رُبَّ غابِطِنا لَوْ كانَ يَطْلُبُكُمْ... لَاقَى مُباعَدةً مِنْكُمْ وَحِرْمانا (٤)


(١) في الأصل: "فخربت على قوم عاد من أوديتهم يقال له: المغيث". والصواب ما أثبت.
(٢) هذا الخبر ذكره الواحدي في الوسيط ٤/ ١١٣.
(٣) قال سيبويه: "وليس يُغَيِّرُ كَفُّ التنوين، إذا حذفْتَهُ مُسْتَخِفًّا، شَيْئًا من المعنى، ولا يجعله معرفة، فمن ذلك قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}، و {إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ}. . . ويَزِيدُ هذا عندك بَيانًا قولُهُ، تعالى جَدُّهُ: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} و {عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}، فلو لَمْ يكن هذا في معنى النكرة والتنوين لَمْ توصف به النكرة". الكتاب ١/ ١٦٦، وقال مثله في الكتاب ١/ ٤٢٥.
(٤) البيت من البسيط لجرير، ويُرْوَى: "لَوْ كانَ يَعْرِفُكُمْ".
التخريج: ديوانه ص ١٦٣، الكتاب ١/ ٤٢٧، معانِي القرآن للفراء ٢/ ١٥، المقتضب ٣/ ٢٢٧، ٤/ ١٥٠، ٢٨٩، شرح أبيات سيبويه ١/ ٣٧٦، إعراب ثلاثين سورة ص ١٥، سر صناعة الإعراب ص ٤٥٧، الحلل ص ١٢٤، ٢٥٨، شرح الجمل لطاهر بن أحمد ١/ ١٦٥، ٢/ ١٥٣، ثِمارُ الصناعة ص ٣١٧، الفريد للهمدانِي ٤/ ٢٩٨، عين المعانِي ورقة ١٢٢/ أ، اللسان: عرض، مغني اللبيب ص ٦٦٤، الدر المصون ٦/ ١٤١، المقاصد النحوية ٣/ ٣٦٤، اللباب في علوم الكتاب ١٧/ ٤٠٧، شرح شواهد المغني ص ٧١٢، ٨٨٠، همع الهوامع ٢/ ٤١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>