للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {قُلْ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا} شرط وجزاء، وقيل: معناه: فإن تطيعوا أبا بكر وعُمَرَ يُؤْتكُم اللَّه أجرًا حسنًا، يعني الجنة {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا} تُعْرِضُوا عن طاعتهما {كَمَا تَوَلَّيْتُمْ} أعرضتم عن طاعة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- {مِنْ قَبْلُ} يعني عام الحُدَيْبيةِ {يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٦)} وهو النار، وهذه الآية تدل على خلافة الشيخينَ أبِي بكر وعُمَرَ -رضي اللَّه عنهما-؛ لأن اللَّه تعالى وَعَدَ على طاعتهما الجنةَ، وعلى مخالفتهما النارَ (١).

قوله تعالى: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} يعني غنيمة خَيْبَرَ {وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ}؛ أي: كَفَّ أيْدِيَ الكفار عنكم بإلقاء الرعب في قلوبهم {وَلِتَكُونَ} يعني الغنيمة {آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} على صدق محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، حيث وعدهم أن يصيبوها {وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٢٠) أي: إلى صراط مستقيم، وقد تقدم نظيرها (٢).

ثم قال: {وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا} محل "أُخْرَى" نصب بالعطف على قوله: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً}، وتقديره: ووعدكم مغانمَ أخرى (٣)، يريد: مدائن فارس والروم، وقيل (٤): محل "أُخْرَى" رفع بإضمار حرف الصفة،


(١) قاله مقاتل ورافع بن خديج والنحاس، ينظر: معانِي القرآن للنحاس ٦/ ٥٠٤، الوسيط ٤/ ١٣٨، زاد المسير ٧/ ٤٣١، ٤٣٢، تفسير القرطبي ١٦/ ٢٧٢.
(٢) في الآية الثانية من هذه السورة ٣/ ٩٦.
(٣) هذا قول الزجاج والنحاس ومكي بن أبي طالب، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٦، إعراب القرآن ٤/ ٢٠١، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣١١.
وذهب الزمخشري إلى أن "مَغانِمَ" معطوف على "هَذِهِ" في قوله: "فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ"؛ أي: فَعَجَّلَ لكم هذه المغانمَ ومغانمَ أخري، ينظر: الكشاف ٣/ ٥٤٧.
(٤) يعني أن {أُخْرَى} فاعل بالجار والمجرور، وهذا على مذهب الكوفيين، وأما البصريون فإنهم يجعلون {أُخْرَى} على هذا التأويل مبتدأ، والجارَّ والمجرور المحذوف خبرًا مقدَّمًا، =

<<  <  ج: ص:  >  >>