للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَوَرُ في العَيْنِ: البَياضُ، ومنه: الخُبْزُ الحُوّارِيُّ (١)، وعِينٌ جمع عَيْناءَ، وقد ذكرت نظيرها في سورة الدخان (٢).

قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ} يعني أولادهم الصغار والكبار؛ لأن الكبار يَتْبَعُونَ الآباءَ بإيمانٍ منهم، والصِّغارُ يَتْبَعُونَ الآباءَ إيمانٍ من الآباء، والوَلَدُ يُحْكَمُ له بالإسلام تَبَعًا لِوالِدِهِ.

وقوله: {أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} يعني: أنهم يُرْفَعُونَ إليهم لِتَقَرَّ بهم أعْيُنُهُمْ، وإن كانوا دُونَهُمْ فِي العَمَلِ {وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ}؛ أي: وما نَقَصْناهُمْ، قال ابن عباس: لَمْ نَنْقُصِ الآباءَ من الثواب حين ألحقنا بهم ذُرِّيَّتَهُمْ، يقال: ألَتَهُ يَأْلِتُهُ ألْتًا، وآلَتَهُ يُؤْلِتُهُ إيلَاتًا، ولَاتَهُ يَلِيُتُهُ لَيْتًا، كُلُّه: إذا نَقَصَهُ (٣)، و"مِنْ" في قوله: "مِنْ عَمَلِهِمْ" للتبعيض، وفي: "مِنْ شَيءٍ" زائدة بمعنى التوكيد (٤).

واختلف القُرّاءُ في هذه الآية، فقرأ أبو عمرو: {وَأتْبَعْناهُمْ} (٥) على جماعة المتكلمين، وقرأ الباقون: {وَاتَّبَعَتْهُمْ} على فعلِ واحدٍ مؤنثٍ، وقرأ


(١) الخُبْزُ الحُوّارِيُّ: الأبْيَضُ، والحُوّارِيُّ: أُجْوَدُ الدَّقِيقِ وأخْلَصُهُ. للسان: حور.
(٢) في الآية ٥٤، وانظر ما تقدم ٣/ ٢٢.
(٣) هذا القول حكاه أبو عمر الزاهد عن ابن الأعرابِيِّ بنصه في ياقوتة الصراط ص ٤٨٦، وينظر: التهذيب ١٤/ ٣٢٠ - ٣٢١، معانِي القراءات ٣/ ٣٤، الحجة للفارسي ٣/ ٤١٤، وراجع ما تقدم في الآية ١٣ من سورة الحجرات ٣/ ١٣٠.
(٤) قاله النحاس في إعراب القرآن ٤/ ٢٥٦.
(٥) قرأ ابن عباس وابن مسعود وأبو عمرو والحسن وابن جبير واليزيديُّ: {وَأتْبَعْناهُمْ} بهمزة القطع {ذُرِّيَّتُهُمْ} بالجمع، وقرأ ابن عامر، ونافعٌ في روايةِ خارجةَ عنه، والحسنُ ويعقوبُ وسهلٌ: {وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ}، وقرأ الباقون: {وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ}، وقرأ أبو عمرو ونافع وابن عامر وأبو جعفر والحسن ويعقوب: {أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيّاتِهُمْ} بالجمع، وقرأ الباقون بالإفراد، ينظر: السبعة ص ٦١٢، تفسير القرطبي ١٧/ ٦٦، البحر المحيط ٨/ ١٤٧، الإتحاف ٢/ ٤٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>