للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عطفًا على النار، واختاره أبو حاتم، وقرأ الباقون بالرفع عطفًا على الشُّواظِ، واختاره أبو عبيد (١)، والمعنى: يُرْسَلُ عليكما شُواظٌ، ويُرْسَلُ نُحاسٌ؛ أي: يُرْسَلُ هذا مَرّةً وهذا مَرّةً، ويَجُوزُ أن يُرْسَلا مَعًا من غير أن يَمْتَزِجَ أحَدُهُما بالآخَرِ.

والرفع أقوى، والكَسْرُ ضعيف؛ لأنه لا يُمْكِنُ أن يُعْطَفَ به على "نارٍ" في قوله: "مِنْ نارٍ"؛ لأنه لا يكون شواظ من نحاس، قال أبو علي الفارسي (٢): وهذا يجوز من وَجْهٍ على أنّ تَقْدِيرَهُ: يُرْسَلُ عليكما شُواظٌ من نار وشَيْءٌ من نُحاسٍ، على أنه قد يُحْكَى أن الشُّواظَ لا يكون إلا من النارِ والدُّخانِ جميعًا، ونَحْوُ هذا حُكِيَ عن أبِي عمرو، وقال النابغة:

يُضِيءُ كَضَوْءِ سِراجِ السَّلِيـ... طِ لَمْ يَجْعَلِ اللَّه فِيهِ نُحاسا (٣)

قوله تعالى: {فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ} فصارت أبوابًا لِنُزُولِ الملائكة {فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (٣٧)} يعني: مُشْرِقةً، وقيل (٤): مُتَغَيِّرةً كَلَوْنِ الفَرَسِ الوَرْدِ، يكون في الربيع كُمَيْتًا أصْفَرَ، فإذا ضربه الشتاءُ يكون كُمَيْتًا أحْمَرَ، فإذا اشْتَدَّ الشتاءُ يكون كُمَيْتًا أغْبَرَ، فَشَبَّهَ السماءَ في تَغَيُّرِها عند انشقاقها بهذا الفرس في أوَّلِ تَلَوُّنِهِ.


(١) ينظر اختياره واختيار أبِي حاتم في شمس العلوم ١٠/ ٦٥١٧.
(٢) الحجة ٤/ ١٧، ١٨، وهو اختصار لكلام الفارسي.
(٣) تقدم برقم ٣١٦، ٣/ ٢٦٦.
(٤) قاله ابن عباس والضحاك وقتادة والربيع والفراء، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ١١٧، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ١٠١، شفاء الصدور ورقة ٨٨/ أ، الكشف والبيان ٩/ ١٨٧، عين المعانِي ورقة ١٣٠/ أ، تفسير القرطبي ١٧/ ١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>