للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُتَفَرِّقُ الأجزاءِ، وقيل: الْهَباءُ: هو الذي يُرَى مع الشمس، وقيل: هو ما تَطايَرَ من شَرَرِ النار، قرأه العامة: {مُنْبَثًّا} بالثاء؛ أي: متفرقًا، وقرأه النخعي بالتاء (١)؛ أي: مُنْقَطِعًا.

ثم ذكر أحوال الناس، فقال: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (٧)} يعني أصنافًا ثلاثة، يقال للأصناف التي بعضها مع بعض: أزْواجٌ، كما يقال لِلْخُفَّيْنِ: زَوْجانِ (٢).

ثم أخْبَرَ عنهم فقال تعالى: {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} يعني: الذين يُؤْخَذُ بِهِمْ ذاتَ اليمين إلى الجنة، وقيل: هم الذين يُعْطَوْنَ كُتبهُمْ بِأيْمانِهِمْ، واليمين صفة لكل خير وسعادة، وهي بِشارةٌ لهم بالجنة والكرامة.

ثم عَجَّبَ نَبيَّهُ عليه السّلام، فقال: {مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (٨) أي: ماذا من الخير لأصحَاب الميمنة؟ فالأصحاب الأوَّلُونَ مرفوعون بما عاد من الأصحاب الآخرين، وهو رفع بالابتداء، و"ما" -أيضًا- محله رفع بالابتداء، و"أصحاب الميمنة" خبره، وهما جميعًا خبر المبتدأ الأول (٣)، و"ما" حرف تعجب (٤)، ومثله: {الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ} (٥)، وهذا كما يقال: زَيْدٌ ما زَيْدٌ أراد: زَيْدٌ شَدِيدٌ (٦).


(١) قرأ النخعي ومسروق وأبو حيوة: "مُنْبَتًّا" بالتاء، ينظر: تفسير القرطبي ١٧/ ١٩٧.
(٢) قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٥/ ١٠٨، وينظر: إعراب القرآن ٤/ ٣٢٣، شفاء الصدور ٩٢/ أ.
(٣) قاله النحاس في إعراب القرآن ٤/ ٣٢٤، وينظر: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٥٠.
(٤) يعني بالحرف هنا الحرفَ بمعناه اللغوي لا الاصطلاحي؛ لأن "ما" التعجبية اسم باتفاق.
(٥) الحاقة ١ - ٢.
(٦) قاله الأخفش في معانِي القرآن ص ٤٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>