للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على التحقيق، وقال بعض أهل العربية (١): معناه: فليس الأمر كما يقولون، ثم استأنف القَسَمَ فقال: "أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ".

وعَنَى بالنجوم نُجُومَ القرآن التي كانت تُنَزَّلُ على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نُجُومًا متفرقةً، قال ابن عباس (٢): نزل القرآن فِي ليلة القدر جُمْلةً من عند اللَّه من اللَّوْحِ المحفوظ إلى السَّفَرةِ الكِرامِ الكاتبين فِي السماء الدنيا، فنَجَّمَتْهُ السَّفَرةُ الكِرامُ على جبريل عليه السّلام عشرين ليلة، ونَجَّمَهُ جِبْرِيلُ على محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- عشرين سنة، فذلك قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} يعني نجوم القرآن، وقيل: أراد مَشارِقَ النجوم ومَغارِبَها، وقيل: أراد منازلها، وقيل: أراد انْكِدارَها وانْتِثارَها يوم القيامة.

واختلف القراء فيه، فقرأ حمزة والكسائي وخلف: "بِمَوْقِعِ" (٣) ساكنة


(١) هذا قول الفراء، فقد قال فِي الآية الأولى من سورة القيامة: "وقوله: {لَا أُقْسِمُ} كان كثير من النحويين يقولون: "لا" صلة. قال الفراء: ولا يُبْتَدَأُ بِجَحْدٍ ثم يُجْعَلُ صِلةً، يُرادُ به الطَّرْحُ؛ لأن هذا لو جاز لَمْ يُعْرَفْ خَبَرٌ فيه جَحْدٌ من خَبَرٍ لا جَحْدَ فيه، ولكن القرآن جاء بالرَّدِّ على الذين أنكروا البعثَ والجنةَ والنارَ، فجاء الإقْسامُ بالرَّدِّ عليهم في كثير من الكلام: المبتدأ منه وغير المبتدأ، كقولك في الكلام: لا واللَّهِ لا أفْعَلُ ذاك، جعلوا "لا"، وإن رَأيْتَها مبتدأةً، رَدًّا لكلام قد كان مَضَى، فلو ألْقَيْتَ "لا" مما يُنْوَى به الجَوابُ لَمْ يكن بين اليمين التي تكون جوابًا واليمينِ التي تُسْتَأنَفُ فَرْقٌ". معانِي القرآن ٣/ ٢٠٧، وينظر: جامع البيان ٢٧/ ٢٦٤، الكشف والبيان ٩/ ٢١٨، المحرر الوجيز ٥/ ٢٥٠.
(٢) قول ابن عباس رواه الحاكم في المستدرك ٢/ ٥٣٠ كتاب التفسير: سورة {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ}، وينظر: تفسير القرطبي ٢/ ٢٩٧، ١٧/ ٢٢٤، ٢٠/ ١٣٠، الدر المنثور ٤/ ٢٠٥.
(٣) وبهذا قرأ أيضًا: ابنُ مسعود وعُمَرُ بنُ الخطاب وابنُ عباس، -رضي اللَّه عنهم-، والنَّخْعِيُّ والحسنُ وابنُ مُحَيْصِنٍ والأعمشُ ورُويسٌ ويعقوبُ، ينظر: السبعة ص ٦٢٤، تفسير القرطبي ١٧/ ٢٢٤، البحر المحيط ٨/ ٢١٣، النشر ٢/ ٣٨٣، الإتحاف ٢/ ٥١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>