للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ}، فيقول المؤمنون: {ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ} في الموضع الذي كُنّا فيه -وفيه الظُّلْمةُ-، فالتَمِسُوا منه النورَ (١).

والرحمة: الجنة، والعذاب: جهنم، وقيل: الرحمة: النور، والعذاب: الظلمة، والباطن والظاهر رفع على الابتداء، والعذاب رفع لأنه خبر "مِنْ" (٢).

قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ}؛ أي: يَحِنْ {لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ}؛ أي: تَرِقَّ وتَلِينَ قلوبُهُمْ {لِذِكْرِ اللَّهِ} يقال: أنَى لَكَ يَأْنِي إنًى: إذا حانَ، ويقال: آنَ يَئينُ، وأنِىَ يَأْنَي وحانَ يَحِينُ بمعنًى واحدٍ (٣)، و {أَنْ} في قوله: {أَنْ تَخْشَعَ} فِي موضع رفع بـ {يَأْنِ}.

قوله: {وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} يعني القرآن، ومحل "ما" خفض بالعطف على {لِذِكْرِ اللَّهِ}، قرأ شيبة ونافع وعاصم برواية المُفَضَّلِ وحَفْصٍ: "نَزَلَ" خفيفة الزاي، وقرأ غيرهم بالتشديد (٤)، والمعنى فيهما واحد؛ لأنه لا يَنْزِلُ إلا بأن يُنَزِّلَهُ اللَّهُ.


(١) ينظر: إعراب القرآن للنحاس ٤/ ٣٥٧، تفسير ابن كثير ٤/ ٣٣١.
(٢) يعني قوله: "باطِنُهُ" و"ظاهِرُهُ"، فقوله: "لَهُ بابٌ" مبتدأ وخبر، والجملة صفة لقوله: "بِسُورٍ"، و"باطِنُهُ" مبتدأ و"الرَّحْمةُ" مبتدأ ثانٍ، و"فِيهِ" خبر الثانِي، والمبتدأ الثانِي وخبره خَبَرُ المبتدأ الأول، والجملة في موضع رفع صفة لـ "بابٌ"، وكذلك قوله: "وَظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ العَذابُ". ينظر: الفريد ٤/ ٤٣١.
(٣) قاله الزجاج والنحاس، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ١٢٥، إعراب القرآن ٤/ ٣٥٩، وينظر أيضًا: تهذيب اللغة ١٥/ ٥٥٣.
(٤) قرأ أبو عمرو وابنُ كثيرٍ، وأبو بكر عن عاصمٍ، وحَمْزةُ والكسائي وابنُ عامر وخَلَفٌ ويعقوبُ وأبو جعفر، ورُويْسٌ في روايةٍ: "وَما نَزَّلَ" بالتشديد، وقرأ نافعٌ، وحَفْصٌ والمُفَضَّلُ كلاهما عن عاصم: "نَزَلَ" بالتخفيف، ورَوَى عباسٌ ويونسُ عن أبي عمرو: "نُزِّلَ" مشدّدًا مبنيًّا للمفعول، وهي قراءة أبِي جعفر والأعمش والجحدري. ينظر: السبعة ص ٦٢٦، معانِي =

<<  <  ج: ص:  >  >>