للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ} قرأه العامة بتشديد الصاد على معنى المتصدقين، فأدغمت التاء فِي الصاد، وقرأ ابنُ كثيرٍ وعاصمٌ برواية أبِي بكر والمفضلِ بتخفيف الصاد (١) من التصديق الذي هو بمعنى الإيمان، ومعناه: إن المؤمنين والمؤمنات {وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} بالصَّدَقةِ والنَّفَقةِ في سبيل اللَّه، قال الحسن (٢): كل ما في القرآن من القَرْضِ الحَسَنِ فهو التَّطَوُّعُ.

وإنما عطف بالفعل على الاسم؛ لأنه في تقدير الفعل مجازه: إن الذين صَدَّقُوا، وأقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا (٣) {يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١٨)} قرأ العامة: {يُضَاعَفُ} بالألف وفتح العين، وقرأ الأعمش: {يُضَاعِفَهُ} بكسر العين وزيادة هاء، وقرأ ابن كثير وابن عامر وأبو جعفر: {يُضَّعَفُ لَهُمْ} بالتشديد (٤)، {وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ}: ثَوابٌ حَسَنٌ، وهو الجنة.


(١) وبها قرأ أيضًا: أبو عمرو في رواية هارون عنه، وأبانٌ وابنُ مُحَيْصِنٍ، ينظر: السبعة ص ٦٢٦، معانِي القراءات ٣/ ٥٦، الحجة للفارسي ٤/ ٣١، تفسير القرطبي ١٧/ ٢٥٢، البحر المحيط ٨/ ٢٢٢، الإتحاف ٢/ ٥٢٢.
(٢) ينظر قوله في الكشف والبيان ٩/ ٢٤٣، تفسير القرطبي ١٧/ ٢٥٢.
(٣) يعني أن قوله: {وَأَقْرَضُوا} معطوف في المعنى على {الْمُصَّدِّقِينَ}؛ لأن "أل" في {الْمُصَّدِّقِينَ} بمَنْزِلةِ {الَّذِي}، واسم الفاعل بمعنى المضارع، وقد ذكر الفارسيُّ هذا الوجهَ، وذَكَرَ وَجْهًا آخَرَ، وهو أن يكون قوله: {وَأَقْرَضُوا} اعتراضًا بين اسم {إِنَّ} وهو {الْمُصَّدِّقِينَ}، وبين خبرها وهو {يُضَاعَفُ لَهُمْ}، وجاز الاعتراض لأنه توكيد للأول، ينظر: الحجة ٤/ ٣١، وينظر أيضًا: الأصول لابن السراج ٢/ ٣١١، كشف المشكلات ٢/ ٣٥٤، أمالِي ابن الشجري ٢/ ٤٣٨، ٣/ ٢٠٤، البيان للأنباري ٢/ ٤٢٢، الفريد ٤/ ٤٣٣، تفسير القرطبي ١٧/ ٢٥٢، خزانة الأدب ٥/ ١٤٤.
(٤) ينظر: تفسير القرطبي ١٧/ ٢٥٢، النشر ٢/ ٢٢٨، الإتحاف ٢/ ٥٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>