للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقرأ الزُّهْرِيُّ: "فَعَقَبْتُمْ" مخففًا من غير ألف، وقرأ مسروق: "فَعَقِبْتُمْ" (١) بكسر القاف خفيفةً، وكلها لغات بمعنًى واحدٍ، يقال: عاقَبَ وعَقَّبَ واعْتَقَبَ وأعْقَبَ وتَعاقَبَ: إذا غَنِمَ (٢).

ومعنى الآية: فَغَزَوْتُمْ وأصَبْتُمْ من الكفار عُقْبَى، وهي الغنيمة، فَظَفِرْتُمْ وكانت العاقبةُ لكم {فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ} يريد: إلى الكفار {مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا}؛ أي: فَأعْطُوا الأزواجَ من رأس الغنيمة ما أنفقوا عليهن من المَهْرِ، {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (١١)}.

قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} الآية، وذلك أنه لَمّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- مَكّةَ، جاءَتْهُ النِّساءُ يُبايِعْنَهُ، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآيةَ (٣)، ونصب {أَنْ لَا يُشْرِكْنَ} بـ {أَنْ}، وما بعده من قوله: {وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ} عطف عليه، إلا أن فِعْلَ جماعة النساء لا يَتَغَيَّرُ لفظه (٤).


(١) ينظر في هذه القراءات: مختصر ابن خالويه ص ١٥٦، المحتسب ٢/ ٣١٩، تفسير القرطبي ١٨/ ٦٩، البحر المحيط ٨/ ٢٥٥.
(٢) قاله الفراء في معاني القرآن ٣/ ١٥٢، وقال الأزهري: "مَنْ قَرَأ: "فَعاقَبْتُمْ" أو "عَقَّبْتُمْ"، فالمعنى: إذا غَزَوْتُمْ فصارت العقبة لكمِ؛ أي: الدَّوْلةُ حتى تَغْلِبُوهُمْ، وتَغْنَمُوا أموالَهُمْ. . . ومن قرأ: "فَعَقَبْتُمْ" أو "أعْقَبْتُمْ" فمعناه غنِمْتُمْ". معاني القراءات ٣/ ٦٦، وينظر: تهذيب اللغة ١/ ٣٧٥، الكشف والبيان ٩/ ٢٩٦، المحرر الوجيز ٥/ ٢٩٨.
(٣) ينظر في سبب نزولها: الكشف والبيان ٩/ ٢٩٧، الوسيط ٤/ ٢٨٦، زاد المسير ٨/ ٢٤٤.
(٤) يعني: لأنه مبني على السكون لأجل نون النسوة، وأجاز النحاس أن تكون "أنْ" مخففةً من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن، و {يُشْرِكْنَ} في موضع رفع خبر "أنْ"، قال النحاس: "و"يُشْرِكْنَ" في موضع نصب بـ "أنْ"، ويجوز أن يكون في موضع رفع بمعنى: عَلَى أنَّهُنَّ، وكذا {وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ =

<<  <  ج: ص:  >  >>