للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَمُّ شَيْءٍ إلَى شَيْءٍ، فهو يقع على القليل والكثير، قال الفرزدق:

٣٦٦ - بِما فِي فُؤادَيْنا مِنَ الهَمِّ والهَوَى... فَيَبْرَأُ مُنْهاضُ الفُؤادِ المُشَعَّفُ (١)

فجاء به مُثَنًّى كما ترى.

وقيل (٢): إنما جَمَعَهُ لأنه استثقل الجمع بين تَثْنِيَتَيْنِ، ولا تجوز الكناية عن الاثنين بلفظ الجمع، ولكن الخلاف: هل هو حقيقة في الاثنين أو مَجازٌ؟ فيه وجهان، أحدهما: أنه حقيقة، وإليه ذهب مالك وأبو بكر بن داود (٣)، والثانِي:


(١) البيت من الطويل، للفرزدق، ورواية ديوانه:
بِما فِي فُؤادَينا مِنَ الشَّوْقِ والهَوى... فَيُجْبَرُ مُنْهاضُ الفُؤادِ المُسَقَّفُ
ويروى: "المُشَعَّفِ" بالخفض و"المُشَغَّفُ" بالغَيْنِ، والجار والمجرور في قوله: "بِما" متعلق بقوله: "فَنُسْعَفُ" في البيت السابق، وهو قوله:
لِيَشغَلَ عَنّي بَعلَها بِزَمانةٍ... تُدَلِّهُهُ عَنّي وَعَنها فَنُسعَفُ
اللغة: رَجُلٌ مُنْهاضُ الفؤادِ: عاوَدَهُ الحُبُّ بعد ذَهابه عنه، والأصل في الانْهِياضِ أن يُجْبَرَ العَظْمُ، ثم يَنْكَسِرَ، المُشَعَّفُ: الذي أحْرَقَهُ الحُبُّ، وقيل: الذي بَلَغَ الحُبُّ شَعْفَتَهُ؛ أي: أعلاه.
التخريج: ديوانه ٢/ ٢٥، الكتاب ٣/ ٦٢٣، شرح نقائض جرير والفرزدق ٢/ ١٩٦، معانِي القرآن للأخفش ص ٢٣٠، الجمل للزجاجي ص ٣١٢، جمهرة أشعار العرب ص ٦٩٧، الحلل ص ٣٦٢، أمالِي ابن الشجري ١/ ١٦، ٢/ ٤٩٦، شرح الجمل لطاهر بن أحمد ٢/ ١٣٦، منتهى الطلب ٥/ ٢٥٣، شرح المفصل ٤/ ١٥٥، همع الهوامع ١/ ١٦٨، خزانة الأدب ٧/ ٥٣٨.
(٢) هذا قول الزجاجي، فقد قال: "وقد يَجُوزُ أن تقول: ضَرَبْتُ رَأْسَيْهِما، وقَطَعْتُ رِجْلَيْهِما، والأول [يعنِي الجمع] أكثرُ في كلام العرب، كرهوا أن يجمعوا بين تَثْنِيَتَيْنِ في كلمة واحدة، فصرفوا الكلمة الأولى إلَى لفظ الجمع". الجمل ص ٣١٢، وبه قال أبو حيان في البحر المحيط ٨/ ٢٦٨، وينظر: الدر المصون ٦/ ٣٣٥.
(٣) هو محمد بن داود بن عَلِيٍّ الظاهريُّ العلامة البارع ذو الفنون، كان ممن يضرب المثل بذكائه، وله بَصَرٌ تامٌّ بالحديثِ وأقوالِ الصحابة، وكان يجتهد ولا يُقَلِّدُ أحَدًا، وتَصَدَّرَ =

<<  <  ج: ص:  >  >>