للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال صاحب "إنسان العين" (١): فالخَيّاطُ يَضُمُّ أجزاء الثوب بحُسْنِ التناسب، والناصح يَضُمُّ أجزاء الثَّوابِ بِحُسْنِ النِّيّاتِ، قال الحسن (٢): التوبة النصوح: أن تُبْغِضَ الذَّنْبَ كما أحْبَبْتَهُ، وتَسْتَغْفِرَ منه إذا ذَكَرْتَهُ، وقال أيضًا (٣): هي نَدَمٌ بالقلب، واستغفارٌ باللسان، وتَرْكٌ بالجوارح، وإضمارُ ألَّا يَعُودَ.

وقيل: التوبة النصوح: هي المُبالِغةُ في النصح، التي لا يَنْوِي التائبُ معها مُعاوَدةً لِلْمَعْصِيةِ. وقال ذو النون (٤): علامتها ثلاثٌ: قِلّةُ الكلام وقِلّةُ الطعام وقِلّةُ المنام. وقال محمد بن كعب القُرَظِيُّ (٥): التوبة النَّصُوحُ تجمعها أربعةُ أشياءَ: الاستغفار باللسان، والإقلاع بالأبدان، وإضمارُ تَرْكُ العَوْدِ بالجَنانِ، ومُهاجَرةُ سَيِّئِ الخِلَّانِ، وقال فَتْحٌ المَوْصِلِيُّ (٦): علامتها ثلاثٌ: مخالفة الهوى وكثرة البُكا ومكابدة الجوع والظَّما (٧).

قوله: {عَسَى رَبُّكُمْ} يعني: إذا تُبْتُمْ، {عَسَى} من اللَّه واجبٌ، وقد تقدم نظيره (٨) {أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}؛ أي: يُغَطِّيَها ويَسْتُرَها عنكم {وَيُدْخِلَكُمْ


(١) قال نحوه في عين المعانِي ورقة ١٣٥/ ب.
(٢) ينظر قوله في شفاء الصدور ورقة ١٤٤/ ب، تفسير القرطبي ١٨/ ١٩٧.
(٣) ينظر قوله في غريب القرآن للسجستانِي ص ١٥٩، زاد المسير ٨/ ٣١٤.
(٤) ينظر قوله في عين المعانِي ورقة ١٣٥/ ب، تفسير القرطبي ١٨/ ١٩٨.
(٥) ينظر قوله في الكشف والبيان ٩/ ٣٥٠، عين المعانِي ١٣٥/ ب، تفسير القرطبي ١٨/ ١٩٨.
(٦) هو فتح بن سعيد، أبو نصر الموصلي الزاهد الولِيُّ العابد، كان شريفًا من العرب، رَوَى عن عيسى بن يونس وغيره، توفِّي سنة (٢٢٠ هـ). [حلية الأولياء ٨/ ٢٩٢، سير أعلام النبلاء ١٠/ ٤٨٣ - ٤٨٤].
(٧) ينظر قوله في الكشف والبيان ٩/ ٣٥١، عين المعانِي ١٣٥/ ب، تفسير القرطبي ١٨/ ١٩٩.
(٨) في الآية ٥ من هذه السورة، وانظر ٣/ ٤٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>