للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خِيانَتُهُما في الدِّينِ، كانت امرأة نوح تُخْبِرُ الناسَ أنه مجنون، وكانت امرأة لوط تَدُلُّ قَوْمَهُ على الأضياف، إذا نَزَلَ بِلُوطٍ ضَيْفٌ بالليل أوْقَدَتِ النارُ، وإذا نَزَلَ بالنهار دَخَنَتْ لِيَعْلَمَ قَوْمُهُ أنه قد نَزَلَ به ضَيْفٌ، وقال الكلبي (١): أسَرَّتا النِّفاقَ وأظْهَرَتا الإيمانَ {فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا} يعني نُوحًا ولُوطًا، لَمْ يُغْنِيا مع نُبُوَّتِهِما عن امرأتيهما {مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (١٠)} وإنما لَمْ يَقُلْ: مع الداخلات؛ لأن المعنى: مع القوم الداخلين (٢)، أعْلَمَ اللَّهُ أن الأنبياء لا يُغْنُونَ عَنْ مَنْ عَمِلَ بالمعاصي شيئًا.

ونصب {مَثَلًا} و {امْرَأَتَ نُوحٍ} لأنهما مفعولان لـ {ضَرَبَ} (٣)، وقيل (٤): نصب {امْرَأَتَ نُوحٍ} على البدل من {مَثَلًا}، تقديره: مَثَلًا مَثَلَ امْرَأةِ نُوحٍ، ثم حذف مَثَلًا الثانِي؛ لدلالة الأول عليه، وكذلك إعراب الآية بعدها مثله، وهو قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ} وهي آسِيةُ بنت مُزاحِمٍ، كانت قد آمنتْ بِمُوسَى عليه السلام، وسألت اللَّه تعالى بَيْتًا في الجنة، فقالت: {إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ


= والبيان ٩/ ٣٥١، الوسيط ٤/ ٣٢٢، زاد المسير ٨/ ٣١٥، تفسير القرطبي ١٨/ ٢٠٢، البحر المحيط ٨/ ٢٨٩.
(١) ينظر قوله في الوسيط ٤/ ٣٢٢، زاد المسير ٨/ ٣١٥.
(٢) قاله النحاس في إعراب القرآن ٤/ ٤٦٥.
(٣) هذا على أن "ضَرَبَ" بمعنى جَعَلَ، ولهذا تعدى إلى مفعولين، قاله النحاس ومكي، ينظر: إعراب القرآن ٤/ ٤٥٦، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٩٠، وينظر: البيان للأنباري ٢/ ٤٤٩، الفريد للهمداني ٤/ ٤٩٢.
(٤) هذا على أن "ضَرَبَ" بمعنى ذَكَرَ أو وَصَفَ، وهذا الرأي ذكره مَكِّيٌّ بغير عزو في مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣٩٠، وبه قال الباقُولِيُّ في كشف المشكلات ٢/ ٣٧٣، وينظر: البيان للأنباري ٢/ ٤٤٩، تفسير القرطبي ١٨/ ٢٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>