للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالمِكْواةِ مَرّةً بعدَ مَرّةٍ حَتَّى يَبْرَأ، فجُعِلَ مَثَلًا فيما يُتابَعُ (١).

وقوله: {فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا}؛ أي: في تِلْكَ اللَّيالِي والأيّامِ {صَرْعَى} جمع صَرِيعٍ، يعني: أنَّهُمْ صُرِعُوا بمَوْتهِمْ، وهو اسمٌ مقصورٌ في موضع نصب على الحال، وقوله: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (٧)} يعني: ساقطةٍ، وقيل: خاليةِ الأجواف، شَبَّهَهُم اللَّهُ تعالى بالنَّخْلِ إذا قَعَرَتْها الرِّيحُ وقَلَعَتْها من أُصُولِها، فَألْقَتْها على الأرض، وإنما شَبَّهَهُم اللَّهُ بالنَّخْلِ لِطُولِهِمْ.

وقوله: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ (٨)} يعني: فَهَلْ تَرَى منهم أحَدًا، وقيل: فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ أثَرٍ أو بَقاءٍ، وقيل: فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ نَفْسٍ باقِيةٍ، يعني: لَمْ يَبْقَ منهم أحَدٌ.

قوله تعالى: {وَجَاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ} يعني: مِنَ الأُمَمِ الكافِرةِ، قرأ أبو عمرو والكسائيُّ ويعقوبُ والحَسَنُ وأبو عبد الرحمن السُّلَمِيُّ وعاصمٌ الجَحْدَرِيُّ بكسر القاف وفتح الباء؛ أي: وَمَنْ مَعَهُ ومَنْ يَلِيهِ ويَحُفُّ به من جُنُودِهِ وأتْباعِهِ، وهو اختيار أبِي عُبَيْدٍ وأبِي حاتم (٢)، اعتبارًا بقراءة عبد اللَّه وأُبَيِّ: "وَمَنْ مَعَهُ"، وقرأ أبو موسى الأشعريُّ: "وَمَنْ تِلْقاءَهُ"، وقرأ الباقون بفتح القاف وجزم الباء (٣)؛ أي: وَمَنْ تَقَدَّمَهُ من القُرُونِ الخالِيةِ، وهو منصوب على ظرف المكان.


(١) قاله الفراء وابن قتيبة، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ١٨٠، غريب القرآن لابن قتيبة ص ٤٨٣، وينظر أيضًا: شفاء الصدور ١٥٨/ ب، التهذيب ٤/ ٣٤٤، غريب القرآن للسجستانِي ص ١٦٢.
(٢) ينظر اختيار أبِي عبيد وأبِي حاتم في إعراب القرآن للنحاس ٥/ ٢٠، الكشف والبيان ١٠/ ٢٧، تفسير القرطبي ١٨/ ٢٦١.
(٣) ينظر في هذه القراءات: معانِي القرآن للفراء ٣/ ١٨٠، السبعة ص ٦٤٨، إعراب القراءات السبع ٢/ ٣٨٥، الحجة للفارسي ٤/ ٥٩، تفسير القرطبي ١٨/ ٢٦١، ٢٦٢، البحر المحيط ٨/ ٣١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>