للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣)} وهي النفخة الأُولَى، وقيل: الثانية، وإنما رفع المصدر، وهو (١) النفخة؛ لأنه لَمّا نَعَتَها أقامها مُقام المرفوع؛ لأن الرفع فِي المصدر (٢) إذا نُعِتَ أحْسَنُ؛ لأنه يَقْرُبُ من الاسم، والنصب جائز (٣)، ومثله فِي الكلام: ضُرِبَ بِزَيْدٍ ضَرْبٌ شَدِيدٌ، فإذا لَمْ يُنْعَت المصدرُ كان الوجه النصبَ، وقَبُحَ الرفعُ، وذلك قولك: ضُرِبَ بِزَيْدٍ ضَرْبًا، وسِيرَ بِزَيْدٍ سَيْرًا (٤).

قوله: {وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ} حُمِلَ ما على الأرض من شَجَرٍ أو ماء أو شيء، وحُمِلَت الجبال عن أماكنها وما فيها؛ أي: رُفِعَتْ فَضُرِبَتْ على الأرض {فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (١٤) أي: كُسِّرَتا ودُقَّتا دَقّةً واحدةً، فصارتا هَباءً مُنْبَثًّا، وإنما قال: {فَدُكَّتَا}، ولَمْ يقل: دُكِكْنَ (٥)؛ لأنه جعل الأرض كالشيء الواحد والجبالَ كالشيء الواحد (٦).


= في الكشف والبيان ١٠/ ٢٨، ولكن العلماء ذكروا لَها أكثَرَ من وجه في العربية، قال الفارسيُّ: "وَجْهُ قوله: "وَتَعْيَها" أنه جعل حرف المضارعة مع ما بَعْدُ بِمَنْزِلةِ: "فَخْذٍ"، فأسكن كما يُسَكَّنُ "كَتْفٌ" ونحوه، وهذا يشبه ما من نفس الكلمة، نحو الكاف من "كَتْفٍ"؛ لأن حرف المضارعة لا ينفصل من الفعل، فصار كقولِ مَنْ قال: وَهْوَ وَهْيَ، ومثل ذلك قوله: "ويَتَّقْهِ"، جعل "تَقْهِ" مِنْ "يَتَّقْهِ" بِمَنْزِلةِ كَتْفٍ، فأسكن، وقد يكون هذا على ما أنشده أبو زيد من قوله:
قالت سليمى اشتر لنا سويقا
. . . وقد يجوز أن يكون أجْرَى الوصل مُجْرَى الوقف". الحجة ٤/ ٦٠.
(١) في الأصل: "وهي".
(٢) في الأصل: "بالمصدر"، وهو خطأ. والتصويب من جمل الزجاجي ص ٨١.
(٣) وقد قرأ أبو السمال: {نَفْخَةً وَاحِدَةً} بالنصب، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٦١، البحر المحيط ٨/ ٣١٧.
(٤) هذا كلام الزجاجي في الجمل ص ٨١.
(٥) في الأصل: "فدكدكن".
(٦) قاله الفراء في معانِي القرآن ٣/ ١٨١، وينظر: جامع البيان ٢٩/ ٧٠، الكشف والبيان ١٠/ ٢٨، زاد المسير ٨/ ٣٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>