للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} (١)، ومعنى الآية: دَعا داعٍ على نفسه، وَسَألَ سائِلٌ عَذابًا واقِعًا {للكَافِرِينَ}؛ أي: على الكافرين، اللام بمعنى "عَلَى".

ومن قرأ بغير همز فله وجهان أيضًا، أحدهما: أنه لغة من السؤال، تقول العرب: سالَ يَسالُ، مثل: نالَ يَنالُ، وخافَ يَخافُ (٢)، والثانِي: أن يكون من السَّيْلِ (٣)، فعلى هذا لَمْ تكن الباء بِمعنَى "عَنْ"، وكانت على بابها وأصلِها للتعدي، والأصل في سالَ: سَوَلَ (٤)، فلما تحركت الواو وتحرك ما قبلها قُلِبَتْ


(١) مريم ٢٥.
(٢) على هذا الوجه تكون الألف في "سالَ" منقلبةً عن واو، قال سيبويه: "بَلَغَنا أن: سِلْتَ تَسالُ لُغةٌ". الكتاب ٣/ ٥٥٥، وينظر أيضًا: إعراب القرآن ٥/ ٢٧، تهذيب اللغة ١٣/ ٦٧، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٠٥، وهذه لغة قريش كما ذكر الزمخشري وغيره، ينظر: الكشاف ٤/ ١٥٦، الفريد للهمدانِيِّ ٤/ ٥٢٥، تفسير القرطبي ١٨/ ٢٧٩، البحر المحيط ٨/ ٣٢٦.
وذهب الأزهري وابن خالويه إلى أن "سالَ" يجوز أن يكون مخففا من "سأل"، ينظر: معانِي القراءات ٣/ ٨٨، إعراب القراءات السبع ٢/ ٣٨٩، وقال الجوهري: "وقوله تعالى: {وسَألَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ}؛ أي عن عذابٍ، قال الأخفش: يقال خرجنا نسأل عن فلانٍ وبفلانٍ، وقد تُخَفَّفُ هَمْزَتُهُ فيقال: سالَ يَسْالُ، والأمر منه سَلْ بحركة الحرف الثانِي من المستقبَل، ومن الأوّل: اسْألْ". الصحاح ٥/ ١٧٢٣، وينظر أيضًا: لسان العرب: سأل، تاج العروس: سأل.
(٣) يعني الانصباب، وهذا قول النحاس في إعراب القرآن ٥/ ٢٧، وقال الأزهري: "من قرأ: "سالَ" بغير هَمْزٍ فالمعنى: جَرَى وادٍ بعذاب من اللَّه، مِنْ سالَ يَسِيلُ، كأنه قال: سالَ وادٍ بعذابٍ واقعٍ". معانِي القراءات ٣/ ٨٨، وحكاه الأزهري بغير عزو في التهذيب ١٣/ ٦٧، وينظر: إعراب القراءات السبع ٢/ ٣٨٩.
(٤) يعني "سالَ" الذي هو من السؤال في لغة من يُخَفِّفُ هَمْزَتَهُ؛ لأن الألف فيه أصلها واو، وأما "سالَ" من السَّيْلِ فأصل الألف فيه الياء، قاله النحاس والفارسي، ينظر: إعراب القرآن ٥/ ٢٧، الحجة للفارسي ٤/ ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>