للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك قوله: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ}؛ أي: إلى الموضع الذي لا ينبغي لأحد سِواهُ فيه حُكْمٌ فجعل عُرُوجَهُمْ إلَى ذلك الموضع عُرُوجًا إليه، نظيره قول إبراهيم -عليه السلام-: {وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي} (١)؛ أي: إلى حَيْثُ أمَرَنِي بِالذَّهابِ إليه، وقيل: إلى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، وقيل: تَعْرُجُ الملائكةُ والرُّوحُ بَيْنَ اللَّه تعالى وَبَيْنَ خَلْقِهِ بأعمالهم.

{فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ (٤)} قرأ الكسائي: {يَعْرُجُ} بالياء (٢)، وهي قراءة ابن مسعود، وقرأه الباقون بالتاء، واختلفوا في الرُّوحِ فقيل: هو جبريل -عليه السلام-، وقيل: الرُّوحُ: خَلْقٌ يُشْبِهُونَ الناسَ، وقيل: هُمْ حَفَظةٌ على الملائكة كما أن الملائكة حَفَظةٌ على بَنِي آدَمَ.

وقوله: {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ}، قال عكرمة وقتادة: يعني يوم القيامة، وقيل: يعني بذلك أن مِقْدارَ مَوْقِفِ الخَلْقِ في الحساب حَتَّى يُفْصَلَ بينهم خَمْسُونَ ألْفَ سَنةٍ مِنْ سِنِي الدنيا، وليس يَعْنِي مِقْدارَ يَوْمِ القيامة؛ لأن يوم القيامة له أوَّلٌ وليس له آخِرٌ، وهو يَوْمٌ مَمْدُودٌ أبَدًا، ولو كان له آخِرٌ لانْقَطَعَ، وقيل: معناه: لَوْ صَعِدَ عَبْدٌ ما صَعِدَهُ في خَمْسِينَ ألْفَ سَنةٍ مِمّا يَعُدُّ أهْلُ الدنيا، والملائكةُ والرُّوحُ تقطعه في يَوْمٍ من أيام الدنيا، والمقدار خمسون ألف سنة، هكذا ذكره النَّقّاشُ (٣).


(١) الصافات ٩٩.
(٢) قرأ ابن مسعود والكسائيُّ وابنُ مِقْسَمٍ وزائدةُ، والسُّلَمِيُّ عن الأعمش بالياء، ينظر: السبعة ص ٦٥٠، تفسير القرطبي ١٨/ ٢٨١، البحر المحيط ٨/ ٣٢٧.
(٣) من أول قوله: "وقيل: يعني بذلك أن مقدار موقف الخلق"، قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة ١٦٤/ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>