للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِحَمِيمٍ: أيْنَ حَمِيمُكَ؟ قال الفَرّاءُ (١): ولستُ أشْتَهِي ضَمَّ الياء؛ لأنه مُخالِفٌ للتفسير، وَلِما أجْمَعَ عليه القُرّاءُ.

قوله: {يُبَصَّرُونَهُمْ}؛ أي: يُعَرَّفُونَهُمْ ويُرَوْنَهُمْ، والمعنى: يُعَرُّفُ الحَمِيمُ حَمِيمَهُ حتى يعرفه، وهو مع ذلك لا يَسْألُ عن شأنه لِشُغُلِهِ بنفسه، يقال: بَصَّرْتُ زَيْدًا بكذا: إذا عَرَّفْتَهُ إيّاهُ، ثم يُحْذَفُ الجارُّ فَيُقالُ: بَصَّرْتُهُ كذا، والآية على حذف الجارِّ (٢).

{يَوَدُّ الْمُجْرِمُ}؛ أي: يَتَمَنَّى المُشْركُ والكافر {لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (١١) وَصَاحِبَتِهِ} زوجته {وَأَخِيهِ (١٢) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (١٣)} يعني عشيرته التي فُصِلَ منهم، تَضُمُّهُ ويَأْوِي إليها {وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ (١٤) كَلَّا}؛ أي: كَلَّا لا يُنْجِيهِ ذلك الفِداءُ من عذاب اللَّه، وتَمَّ الكلامُ، ثم استأنف فقال: {إِنَّهَا لَظَى (١٥)} وقيل: حَقًّا إنَّها لَظَى، فيكون الكلام متصلًا (٣).

ولَظَى -نعوذ باللَّه منها-: اسمٌ من أسماء جهنم، فلذلك لَمْ تَنْصَرِفْ (٤)، وقيل (٥): هي الدَّرَكةُ الثانية، سُمِّيَتْ بذلك لأنها تتَلَظَّى، قال اللَّه تعالى: {فَأَنذَرْتُكُمْ


(١) معانِي القرآن ٣/ ١٨٤، باختلاف في ألفاظه.
(٢) قاله الفارسي في الحجة ٤/ ٦٣، وينظر: الوسيط ٤/ ٣٥٢، الفريد للهمداني ٤/ ٥٢٧.
(٣) قال مَكِّيُّ بن أبِي طالب: "الوقف على {كَلَّا} حَسَنٌ مَخْتارٌ على معنى: لا يُنْجِيهِ أحَدٌ مِمَّنْ في الأرض ولو افتدى به، وقيل: المعنى: انْتَبِهُوا وازْدَجِرُوا، إن الأمر الذي يُعَذَّبُونَ به لَظَى. ويجوز الابتداء بـ "كَلَّا" على معنى: ألا إنَّها لَظَى، تجعلها افتتاح كلام، ولا يَحْسُنُ أن يُبْتَدَأ بـ {كَلَّا} على معنى "حَقًّا"؛ لأنه يلزم فتح "أنَّ". . . والفتح لَمْ يَقْرَأْ به أحَدٌ". الوقف على كلا وبلى في القرآن ص ٥٦.
(٤) قاله الفراء وأبو حاتم وغيرهما، ينظر: معانيِ القرآن للفراء ٣/ ١٨٤، المذكر والمؤنث لأبي حاتم ص ١٦٤، وينظر: المذكر والمؤنث لابن التستري ص ٦٧، ١٠٦، تهذيب اللغة ١٤/ ٣٩٥.
(٥) قاله الضحاك، ينظر: الكشف والبيان ١٠/ ٣٨، عين المعانِي ورقة ١٣٧/ ب، تفسير القرطبي ١٨/ ٢٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>