للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعْباءَ النُّبُوّةِ، قرأه العامة: {الْمُزَّمِّلُ} بتشديد الزاي وكسر الميم، يريد: المُتَزَمِّلُ بِثِيابِهِ مِنَ الرِّعْدةِ والفَزَعِ حين رَأى المَلَكَ، يعني جبريل -عليه السلام-، وقرأ عكرمة (١) بتخفيف الزاي وفتح الميم؛ أي: المُحَمَّلُ هذا الأمرَ، ومنه الزّامِلةُ، وأصله المُتَزَمِّلُ، فأدغمت التاء فِي الزاي (٢)، ومنه: {المُدَّثِّرُ}، يقال: تَزَمَّلَ وتَدَثَّرَ بِثَوْبِهِ: إذا تَغَطَّى به، وزَمَّلَ غَيْرَهُ: إذا غَطّاهُ، قال امرؤُ القيس:

كَأنَّ ثَبِيرًا فِي عَرانِينِ وَبْلِهِ... كَبِيرُ أُناسٍ فِي بِجادٍ مُزَمَّلِ (٣)

وقال السُّدِّيُّ (٤): معناه: يا أيها النّائِمُ قُمْ فَصَلِّ، وكان النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قد تَزَمَّلَ للنوم، وإنما خُوطِبَ بِهَذِهِ الآيةِ في أوِّلِ ما بُدِئَ بالوحي، ولَمْ يَكُنْ قد بُلِّغَ شيئًا قبل ذلك، ثم خُوطِبَ بعد ذلك بالنبي والرسول.

وقوله: {قُمِ اللَّيْلَ} قرأه العامة بكسر الميم، وقرأ أبو السَّمّالِ العَدَوِيُّ بضم الميم (٥) {إِلَّا قَلِيلًا (٢)} نصب على الاستثناء، وكان قيام الليل فريضةً على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتقدير الآية: قُمِ الليل نِصْفَهُ إلا قليلًا، أي: قُمْ نِصْفَ


(١) قرأ عكرمة: "المُزَمَّلُ" بتخفيف الزاي وفتح الميم، وقرأ أيضًا: "المُزَمِّلُ" بتخفيف الزاي وكسر الميم، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٦٤، المحتسب ٢/ ٣٣٥، تفسير القرطبي ١٩/ ٣٢، البحر المحيط ٨/ ٣٥٣.
(٢) قاله أبو عبيدة والأخفش وغيرهما، ينظر: مجاز القرآن ٢/ ٢٧٣، معانِي القرآن للأخفش ص ٥١٢، غريب القرآن لابن قتيبة ص ٤٩٣، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٢٧، والزّامِلةُ: البَعِيرُ الذي يُحْمَلُ عليه الطَّعامُ والمَتاعُ، اللسان: زمل.
(٣) تقدم عجزه بدون نسبة برقم ٣٢٧، ٣/ ٢٩٨.
(٤) ينظر قوله في الكشف والبيان ١٠/ ٥٩، الوسيط ٤/ ٣٧١.
(٥) قرأ أبو السمال: "قُمُ اللَّيْلَ" بضم الميم، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٦٤، تفسير القرطبي ١٩/ ٣٣، البحر المحيط ٨/ ٣٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>