للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحَسَنُ وعبد الرحمن الأعرج: "لَأُقْسِمُ" (١) بغير ألِفٍ موصولةً ليس بين اللام والهمزة مَدٌّ، {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} مقطوعة ممدودة، على معنى أنه أقْسَمَ باليوم وَلَمْ يُقْسِمْ بالنفس، والصحيح أنه أقسم بِهِما جميعًا، ولا خلاف في الثانِي أنه ممدود.

فإن قيل: ألا يأتون بالنون على هذه القراءة، ولا يحسن في القَسَمِ استعمال اللام بلا نُونٍ، كما لا يحسن استعمال النون بلا لامٍ؟ قيل (٢): المُعَوَّلُ على قراءة الأكثر والجمهور، والقراءة سُنّة مُتَّبَعة، وَوَجْهُها في العربية أنهم استغنوا بأحد التأكيدين عن الآخر، وقد جاء فِي الشعر النونُ بلا لامٍ كما قال:

٤٢٧ - وَقَتِيلِ مُرّةَ أثْأرَنَّ. . . . (٣)

أراد: لأثْأرَنَّ.


(١) وهي أيضًا قراءة الزهري والبَزِّيّ، ينظر: السبعة ص ٦٦١، تفسير القرطبي ١٩/ ٩٢، النشر ٢/ ٢٨٢، الإتحاف ٢/ ٥٧٣.
(٢) المؤلف هنا متابع، فيما يبدو، للنحاس وغيرِه من البصريين في تضعيف هذه القراءة، وحُكْمِهِ على حذف النون هنا بأنه خاصٌّ بالضرورة، فقد حكم النَّحّاسُ على قراءة ابن كثير باللحن، فقال: "وهذا لَحْنٌ عند الخليل وسيبويه". إعراب القرآن ٥/ ٧٧.
وإذا رجعنا إلَى الكتاب وجدنا سيبويه يقول: "وقد يستقيم فِي الكلام: إنَّ زيدًا لَيَضْرِبُ وَلَيَذْهَبُ، وَلَمْ يَقَعْ ضَرْبٌ، والأكثر على ألسنتهم، كما خَبَّرْتُكَ، فِي اليمين، فَمِنْ ثَمَّ ألْزَمُوا النونَ في اليمين لئلّا يلتبس بما هو واقع، قال اللَّه عزَّ وجلَّ: {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}. الكتاب ٣/ ١٠٩، وقال الفارسي: "فأما قول ابن كثير: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} فإن اللام يجوز أن تكون التي يصحبها إحدى النونين في أكثر الأمر، وقد حَكَى سيبويه ذلك، وأجازه". الحجة ٤/ ٧٧ - ٧٨.
وينظر أيضًا: معانِي القراءات ٣/ ١٠٥، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٢٨، ٤٢٩، الكشف عن وجوه القراءات ٢/ ٣٤٩، شرح الجمل لطاهر بن أحمد ١/ ١٥١، شرح الكافية للرضي ٤/ ٣١٩ - ٣٢٠، مغني اللبيب ص ٨٤٥، همع الهوامع ٢/ ٤٠٠.
(٣) هذه قطعة من بيت من الكامل، وهو بتمامه: =

<<  <  ج: ص:  >  >>