للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقَسَمُ بالشيء تَنْبِيهٌ على تعظيمه أو ما فيه من لَطِيفِ الصُّنْعِ وعَظِيمِ النِّعْمةِ، وقال ابن عباس: {لَا} صلة -كقول الأول- كما قال الشاعر:

تَذَكَّرْتُ لَيْلَى، فاعْتَرَتْنِي صَبابةٌ... وَكادَ ضَمِيرُ القَلْبِ لَا يَتَقَطَّعُ (١)

وقال الفَرّاءُ (٢): {لَا} رَدٌّ على الذين أنكروا البعث والجنة والنار، ثم ابتدأ القَسَمَ، فقال: {أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}، قال: وكل يمين كانت رَدًا لكلام، فلا بُدَّ من تقديم {لَا} قبلها، فتفرق بذلك بين اليمين التي تكون جَحْدًا وبين اليمين التِي تُسْتَأْنَفُ، ألا ترى أنك تقول مُبْتَدِئًا: واللَّهِ إنَّ الرَّسُولَ لَحَقٌّ، فإذا قلت: لا واللَّهِ إنَّ الرَّسُولَ لَحَقٌّ، فكأنك أكْذَبْتَ قَوْمًا أنكروه.

ومعنى {اللَّوَّامَةِ}: أنه ليس من نَفْسٍ بَرّةٍ ولا فاجِرةٍ إلا وهي تَلُومُ نَفْسَها يوم القيامة، إن كانت عملت خَيْرًا قالت: هَلّا ازْدَدْتُ منه، وإن كانت عملت شَرًّا قالت: لَيْتَنِي لَمْ أعْمَلْهُ (٣)، وجواب القسم محذوف تقديره: لَتُبْعَثُنَّ وَلَتُحاسَبُنَّ (٤)، وقيل (٥): جوابه: {بَلَى قَادِرِينَ}.


= ١٣٩/ ب، شرح الكافية للرضي ٤/ ٤٦٦، ارتشاف الضرب ص ٨١٣، ٢٤١٥، مغني اللبيب ص ٣٢٩، الدر المصون ٦/ ٤٢٤، المقاصد النحوية ١/ ٩٦، اللباب في علوم الكتاب ١٩/ ٥٤٢، شرح شواهد المغني ص ٦٣٥، خزانة الأدب ١/ ٣٧٤، ١١/ ٢٢١ - ٢٢٣.
(١) تقدم برقم ٣٤٢ ص ١٠٢٣.
(٢) معانِي القرآن ٣/ ٢٠٧ باختلاف يسير في ألفاظه.
(٣) هذا الكلام قاله الفراء في معانِي القرآن ٣/ ٢٠٨، وينظر: غريب القرآن للسجستانِي ص ١٦٧، الوسيط للواحدي ٤/ ٣٩٠.
(٤) قاله ابن الأنباري في إيضاح الوقف والابتداء ص ٩٥٧، وبه قال الزمخشري في الكشاف ٤/ ١٩٠، والسجاوندي في عين المعانِي ورقة ١٣٨/ ب، وحكاه القرطبي عن النحاس في تفسيره ١٩/ ٩٣.
(٥) ذكر السمين الحلبي أنه قول الحسن البصري، ينظر: الدر المصون ٦/ ٤٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>