للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ساقها عَيْنانِ، فإذا جازَ الرَّجُلُ الصِّراطَ إلَى العَيْنِ يَدْخُلُ في عَيْنٍ منهما، ويغتسل فيها، فيخرج رِيحُهُ أطْيَبُ من المِسْكِ، طوله سِتُّونَ ذِراعًا فِي السماء في خَلْقِ آدَمَ وَمِيلَادِ عِيسَى ابن مريم، ابنَ ثَلَاثٍ وثلاثين سنةً (١).

وأهل الجنة كلهم رجالهم ونساؤهم على قَدْرٍ واحِدٍ، يَكْبَرُ الصَّغِيرُ حتى يكون ابنَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنةً، وَيَنْحَطُّ الشَّيْخُ الكَبِيرُ عن حاله إلَى ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنةً، وَيَشْرَبُ مِن العَيْنِ الأخرى فَيُشْفَى ما في صدره مِنْ غِلٍّ أوْ حَسَدٍ أوْ هَمٍّ أوْ حَزَنٍ، فَيُطَهِّرُ اللَّهُ قَلْبَهُ فِي ذلك الماء، فَيَخْرُجُ على قلب أيُّوبَ، وَلِسانِ مُحَمَّدٍ، وَحُسْنِ يُوسُفَ عليهم السلام.

وقيل: يُطَهِّرُهُمْ من الذنوب والأدْناسِ والأنْجاسِ، قال أبو سليمان الدّارانِيُّ في المعنى: سَقاهُمْ رَبُّهُمْ على حاشيةِ بِساطِ الوُدِّ، فَأنْقاهُمْ مِنْ صُحْبةِ الخَلْقِ، وَأراهُمْ رُؤْيةَ الحَقِّ، ثم أقْعَدَهُمْ على مَنابرِ القُدُسِ، وَحَباهُمْ بِتُحَفِ المَزِيدِ، وَأمْطَرَ عليهم مَطَرَ التَّاْييدِ، فَسالَتْ عليهم أَوْدِيةُ الشَّوْقِ، فَكَفاهُمْ هُمُومَ الفُرْقةِ، وَحَباهُمْ بِسُرُورِ القُرْبةِ (٢).

وَسُئِلَ أبو يَزِيدَ البِسْطامِيُّ (٣) عن قوله تعالى: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا}، فقال: طَهَّرَهُمْ به من مَحَبّةِ غَيْرِهِ، قال: إنَّ للَّه شَرابًا ادَّخَرَهُ لأفاضل عباده يَتَوَلَّى سَقْيَهُمْ، فإذا شَرِبُوا طاشُوا، فإذا طاشُوا طارُوا، فإذا طارُوا وَصَلُوا،


(١) رواه النقاش في شفاء الصدور ورقة ١٩٥/ أ، وينظر: تفسير القرطبي ١٥/ ٢٨٦.
(٢) ينظر: الكشف والبيان ١٠/ ١٠٥، عين المعانِي ورقة ١٤٠/ ب.
(٣) هو سلطان العارفين طَيْفُورُ بن عيسى بن سَرُوشانَ، كان أبوه مَجُوسِيًّا فأسلم، وَحَسُنَ إسْلَامُهُ، وأبو يزيد زاهد مشهور، نسبته إلى بِسْطامَ بين خراسان والعراق، أصله منها، وله أخبار كثيرة، توفِّيَ ببلده سنة (٢٦١ هـ). [حلية الأولياء ١٠/ ٣٣ - ٤٢، سير أعلام النبلاء ١٣/ ٨٦ - ٨٩، الأعلام ٣/ ٢٣٥].

<<  <  ج: ص:  >  >>