للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ} يعني: بَيْنَ أهْلِ الجنة والنار {جَمَعْنَاكُمْ} يعني مُكَذِّبِي هَذِهِ الأُمّةِ {وَالْأَوَّلِينَ (٣٨) أي: مَعَ الأولين الذين كَذَّبُوا أنْبِياءَهُمْ {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (٣٩)} قال مقاتلٌ: يقول: إنْ كانت لكم حِيلةٌ فاحْتالُوا لأنفسكم، وحُذفت الياءُ، لأن النون صارت عِوَضًا منها، لأنها مكسورة وهي رأس آية (١)، والكَيْدُ: الحِيلةُ.

والمعنى: فَإنْ كان لكم حِيلةٌ فاحْتالُوا لأنفسكم، وانْجُوا مِمّا نَزَلَ بكم {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٠)} بالبعث.

ثم ذَكَرَ المؤمنين، فقال: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ (٤١) أي: فِي ظِلالِ الشَّجَرِ وَظِلالِ أكْنانِ القُصُورِ وَعُيُونِ الماءِ، وقرأ الأعرج: {فِي ظُلَلٍ} (٢) على جَماعِ الظُّلّةِ {وَعُيُونٍ (٤١) وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٤٢)} ويقال لهم: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣)} في الدنيا بطاعة اللَّه {إِنَّا كَذَلِكَ} يا محمد {نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٤٤)} بأعمالهم في الجنة، ونصب {هَنِيئًا} على نعت المصدر المحذوف تقديره: شُرْبًا هَنِيئًا (٣)، وقيل (٤): على الحال.

ثم قال لكفار مكة: {كُلُوا وَتَمَتَّعُوا} يعني: في الدنيا {قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (٤٦)} أي: مُشْرِكُونَ باللَّه مُسْتَحِقُّونَ لِلْعَذابِ، ونصب {قَلِيلًا} على النعت لمصدر


(١) قاله النحاس في إعراب القرآن ٥/ ١٢٢، وقال ابن الأنباري: "فهذه الحروف كُلُّها الياءُ منها ساقطة في المصحف، والوقف عليها بغير هاء". إيضاح الوقف والابتداء ص ٢٥٦.
(٢) وهي أيضًا، قراءة الأعمش والمُطَّوَّعِيِّ والزُّهْرِيِّ وطلحة، ينظر: تفسير القرطبي ١٩/ ١٦٧، البحر المحيط ٨/ ٣٩٩، الإتحاف ٢/ ٥٨٢.
(٣) ينظر ما سبق في الآية ١٩ من سورة الطور ٣/ ١٨٩.
(٤) قاله المبرد في المقتضب ٤/ ٣١٢، والنحاس في إعراب القرآن ١/ ٤٣٥، وينظر: المحرر الوجيز لابن عطية ٥/ ٤٢١، التبيان للعكبري ص ٣٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>