للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكافر هاهنا اسم للجنس، ولهذا عُرِّفَ بالألف واللام، تقول العرب: أهْلَكَ النّاسَ الدِّينارُ والدِّرْهَمُ، ويريدون به الجِنْسَ، وقال الثعلبيُّ (١): سمعت أبا القاسم بن حبيب (٢) يقول: رأيتُ فِي بعض التفاسير أن الكافر هاهنا إبليسُ -لعنه اللَّه-، وكذلك قال صاحب "إنسان العين" (٣)، وذلك أنه عابَ آدَمَ بأنه خُلِقَ من التراب، وافتخر بأنه خُلِقَ من النار، فإذا عايَنَ يَوْمَ القيامة ما فيه آدَمُ وَبَنُوهُ المؤمنون من الثواب والنعمة والراحة والرحمة، وما هو فيه من الشدة والعذاب والنِّقْمةِ، تَمَنَّى مَكانَ آدَمَ، فيقول: {يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا}، قال أبو هريرة: "فيقول التُّرابُ لِلْكافِرِ: لَا، وَلَا كَرامةَ لَكَ مِنْ جَعْلِكَ مِثْلِي" (٤).

واختلفوا في مؤمني الجِنِّ، فقال اللَّيْثُ بن أبِي سُلَيْمٍ: مؤمنو الجِنِّ يَعُودُونَ تُرابًا، وقال عُمَرُ بن عبد العزيز: مؤمنو الجِنِّ حَوْلَ الجَنّةِ في رَبَضٍ وَرِحابٍ، وليسوا فيها، وقال الضَّحّاكُ: مؤمنو الجِنِّ يدخلون الجنة، ويأكلون ويشربون، وقد تقدم ذِكْرُ الخِلَافِ في سورة الأحقاف (٥)، واللَّه أعلم.

* * *


= المستدرك ٢/ ٣١٦ كتاب التفسير: سورة الأنعام، ٤/ ٥٧٥ كتاب الأهوال: باب جَعْلِ اللَّه القصاص بين الدواب، وينظر: جامع البيان ٧/ ٢٤٨، ٣٠/ ٣٣، الكشف والبيان ١٠/ ١٢٠، تفسير القرطبي ١٩/ ١٨٩.
(١) الكشف والبيان ١٠/ ١٢١.
(٢) هو أبو القاسم الحَبِيبِيُّ، وقد تقدمت ترجمته ص ٤٧٨.
(٣) عين المعاني ورقة ١٤١/ ب.
(٤) ينظر: شفاء الصدور ورقة ٢٠٣/ ب، عين المعانِي ورقة ١٤١/ ب.
(٥) تقدم هذا الخلاف فِي سورة الأحقاف ٣/ ٦٠ وينظر أيضًا: تفسير القرطبي ١٩/ ١٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>