للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَتَوَلَّى (١) أي: أعْرَضَ {أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (٢)} وهو ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ (١)، أتَى النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وعنده رَهْطٌ من أشراف قريش، وهو مُقْبلٌ عليهم يدعوهم إلَى اللَّه تعالى وَإلَى الإسلامِ، وَيَرْجُو أن يُجِيبُوهُ إلَى ذلك، إذْ أَتَى الأعمى فَجَعَلَ يُنادِيهِ، وهو يقول: عَلِّمْنِي يا رَسُولَ اللَّه مِمّا عَلَّمَكَ اللَّهُ، -ولا يدري أنه مُشْتَغِلٌ عنه بِغَيْرِهِ- حَتَّى ظهرت الكراهة في وَجْهِ رَسُولِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِقَطْعِهِ كَلَامَهُ فَأعْرَضَ عنه، فَأنْزَلَ اللَّه هذه الآياتِ، فكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد ذلك يُكْرِمُهُ ويقول إذا رَآهُ: "مَرْحَبًا بِمَنْ عاتَبَنِي فيه رَبِّي" (٢).

و {أَنْ} في قوله: {أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى} في موضع نصب مفعول من أجله (٣)، وقيل (٤): في موضع خفض على إضمار اللام تقديره: لأنْ جاءَهُ، أو بأنْ جاءَهُ، وقيل (٥): هي بمعنى: إذْ جاءَهُ الأعمى، {وَمَا يُدْرِيكَ} يا محمد {لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (٣)


(١) هو عبد اللَّه أو عمرو بن قيس بن زائِدةَ من بني عامر بن لُؤَيٍّ، وأُمُّ مَكْتُومٍ أُمُّهُ واسْمُها عاتِكةُ، صحابِىٌّ شجاع ضرير البصر، أسلم بمكة، وهاجر بعد غزوة بدر، كان يُؤَذِّنُ للنبي مع بلال، وكان النبي يستخلفه على المدينة، شهد القادسية، وقاتل فيها، وتوفِّي سنة (٢٣ هـ). [الإصابة ٤/ ٧٦، ١٨١، ٤٩٤ - ٤٩٥، الأعلام ٥/ ٨٣].
(٢) رواه الترمذي بسنده عن عائشة في سننه ٥/ ١٠٣ - ١٠٤ أبواب تفسير القرآن: سورة عبس، ورواه الحاكم في المستدرك ٢/ ٥١٤ كتاب التفسير: سورة "عَبَسَ وَتَوَلَّى"، وينظر: أسباب النزول للسيوطي ص ٢٩٧، الوسيط للواحدي ٤/ ٤٢٢.
(٣) قاله الزَّجّاجُ والنَّحّاسُ ومَكِّيٌّ، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٨٣، إعراب القرآن ٥/ ١٤٩، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٥٧.
(٤) ذكره النحاس بغير عزو في إعراب القرآن ٥/ ١٤٩، وبه قال ابن خالويه في إعراب القراءات السبع ٢/ ٤٤٠، وينظر: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٥٧، البيان للأنباري ٢/ ٤٩٤.
(٥) ذكره النحاس بغير عزو في إعراب القرآن ٥/ ١٤٩، وحكاه الأزهري عن أبِي زيد في تهذيب اللغة ١٥/ ٥٦٩، وينظر: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٥٧، أمالِيُّ ابن الشجري ٣/ ١٥١، ارتشاف الضرب ٤/ ١٦٩٣، مغني اللبيب ص ٥٤ - ٥٥، همع الهوامع ٢/ ٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>