للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فائدةٌ، يعني: لَمّا كان الكفار مَحْجُوبِينَ دَلَّ على أن المؤمنين غَيْرُ مَحْجُوبِينَ، بل ينظرون اللَّهَ تعالى بالأبصار في دار القَرارِ، كما قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (١)، ومعنى قوله: "مَحْجُوبُونَ"؛ أي: ممنوعون عن رؤيته وكرامته ورحمته، فكما حُجبُوا في الدنيا عن توحيده حُجِبُوا في الآخرة عن رؤيته، {ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (١٦) أي: لَداخِلُو النّارِ {ثُمَّ يُقَالُ هَذَا} يعني العذاب {الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (١٧)}.

ثم أعْلَمَ أيْنَ مَحَلُّ كتاب الأبرار، فقال تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ} يعني المتقين {لَفِي عِلِّيِّينَ (١٨)} يعني السماء السابعة تحت العرش، رَوَى البَراءُ بن عازِبٍ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "عِلِّيُّونَ فِي السَّماءِ السّابِعةِ تَحْتَ العَرْشِ" (٢)، وقال ابن عباس: "هُوَ لَوْحٌ من زَبَرْجَدٍ أخْضَرَ مُعَلَّقٌ تحت العَرْشِ، أعمال الأبرار مكتوبة فيه" (٣).

وقال الفَرّاءُ (٤): عِلِّيُّونَ: ارتفاعٌ بَعْدَ ارتفاعِ لا غايةَ له، وهو جمعٌ لا واحد له مِنْ لَفْظِهِ كَعِشْرِينَ وَثَلَاثِينَ وَقِنَّسْرِينَ، وإعرابَه كإعراب الجمع؛ لأنه على لفظ الجمع، وقال يُونُسُ النَّحْوِيُّ (٥): واحِدُهُ عِلِّيّ وعِلِّيّةٌ، قال صاحب "إنسان العين" (٦): والواو والنون عِوَضُ الهاءِ، نحو الأرَضُونَ، أو لا واحِدَ له، والمراد عُلُوٌّ بَعْدَ عُلُوٍّ،


(١) القيامة ٢٢ - ٢٣.
(٢) ينظر: الكشف والبيان ١٠/ ١٥٤، الوسيط ٤/ ٤٤٧، مجمع البيان ١٠/ ٢٦٩، تفسير القرطبي ١٩/ ٢٦٢.
(٣) ينظر: الكشف والبيان ١٠/ ١٥٤، مجمع البيان ١٠/ ٢٦٩، تفسير القرطبي ١٩/ ٢٦٢.
(٤) معانِي القرآن ٣/ ٢٤٧ باختلاف يسير في ألفاظه.
(٥) ينظر قوله في الكشف والبيان ١٠/ ١٥٥، عين المعانِي ورقة ١٤٣/ أ، تفسير القرطبي ١٩/ ٢٦٣.
(٦) عين المعانِي ورقة ١٤٣/ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>