للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القُتَيْبِيُّ (١): معناه: ناصِبٌ في مَعِيشَتِكَ إلَى لِقاءِ رَبِّكَ، والكَدْحُ: السَّعْيُ والجُهْدُ فِي الأمْرِ حَتَّى يَكْدَحَ ذلك فيه أي: يُؤَثِّرَ، ومنه قول النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ سَألَ وَلَهُ ما يَكْفِيهِ جاءَتْ مَسْألتهُ يَوْمَ القِيامةِ خُدُوشًا أوْ خُمُوشًا أو كُدُوحًا فِي وَجْهِهِ" (٢)؛ أي: أثَرُ الخَدْشِ، قال ابن مُقْبِلٍ:

هَلِ العَيْشُ إلّا تارَتانِ؟، فَمِنْهُما... أمُوتُ وَأُخْرَى أبْتَغِي العَيْشَ أكْدَحُ (٣)

وقوله: {فَمُلَاقِيهِ}؛ أي: فَمُلَاقٍ عَمَلَكَ وَمُجازًى به خَيْرًا كانَ أو شَرًّا، وهو في موضع رفع على إضمار مبتدأ محذوف تقديره: فَأنْتَ مُلَاقِيهِ، والأصل ضم الياء، فحُذِفَت الضمةُ لثقلها.

قوله: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (٧)} يعني ديوان أعماله {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (٨)} وهو أن يُتَقَبَّلَ منه، ويُتَجاوَزَ عن سيئاته، و {مَنْ} محلها رفع بالابتداء، والفاء وما بعدها الخبر، وكذلك حُكْمُ ضِدِّها فِي الآية التِي بعدها.

قوله: {وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (٩)} يعني: ينقلب من بين يدي اللَّه تعالى إلَى أهله في الجنة من الحُورِ العِينِ والآدَمِيّاتِ مَسرُورًا فَرِحًا بِما أُوتِيَ من الخير والكرامة، وهو منصوب على الحال.


(١) تفسير غريب القرآن ص ٥٢١.
(٢) رواه الإمام أحمد عن ابن مسعود في المسند ١/ ٣٨٨، ٤٤١، وأبو داود في سننه ١/ ٣٦٦ كتاب الزكاة: باب من يُعْطَى من الصدقة، وابن ماجه في سننه ١/ ٥٨٩ كتاب الزكاة: باب مَنْ سَألَ عن ظَهْرِ غِنًى.
(٣) تقدم برقم ١١٤ ص ٣٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>