للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدَّرَ فَهَدَى (٣) أي: قَدَّرَ الأشياءَ، فَهَدَى لِدِينهِ مَنْ شاءَ مِنْ خَلْقِهِ، فحذف "وَأضَلَّ"؛ لأن ذِكْرَ الْهُدَى دَلَّ على ذلك (١).

وقيل: قَدَّرَ فَهَدَى الذَّكَرَ لِيَأْتِيَ الأُنْثَى، فلولا أنه -عز وجل- جَبَلَ كُلَّ ذَكَرٍ على معرفة كيف يَأْتِي أُنْثاهُ لَما اهْتَدَى لِذَلِكَ؛ لأن إتْيانَ ذُكْرانِ الحَيَوانِ مُخْتَلِفٌ لاختلاف الصُّوَرِ والخَلْقِ والهَيْئاتِ، هكذا قاله الواحدي عن صاحب النَّظْمِ (٢).

وقال مجاهد (٣): هَدَى الإنسانَ لِسَبِيلِ الخَيْرِ والشَّرِّ والسَّعادةِ والشَّقاوةِ، وَهَدَى الأنْعامَ لِمَراتِعِها، وقال السُّدِّيُّ (٤): قَدَّرَ مُدّةَ الجَنِينِ في الرَّحِمِ، ثم هَدَى لِلْخُرُوجِ من الرَّحِمِ، قرأ عَلِيٌّ وأبو عبد الرحمن السُّلَمِيُّ والكِسائيُّ: "قَدَرَ" بتخفيف الدال (٥)، وقرأ الباقون بالتشديد، وهما بمعنًى واحدٍ.

قوله تعالى: {وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (٤)} يعني الحَشِيشَ، فَأنْبَتَ العُشْبَ مِنْ بَيْنَ أخْضَرَ وَأحْمَرَ وَأبْيَضَ وَأصْفَرَ وما ترعاه النَّعَمُ {فَجَعَلَهُ} بعد الخُضْرةِ {غُثَاءً} هَشِيمًا بالِيًا كالغُثاءِ الذي تراه فوق السَّيْلِ {أَحْوَى (٥)} أسْوَدَ بعد


(١) قال الفراء: "قَدَّرَ فَهَدَى وَأضَلُّ، فاكتفى مِنْ ذِكْرِ الضلال بذِكْرِ الهُدَى لكثرة ما يكون معه". معانِي القرآن ٣/ ٢٥٦، وينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٣١٥، إعراب ثلاثين سورة ص ٥٥، زاد المسير ٩/ ٨٩، تفسير القرطبي ١٦/ ٢٠.
(٢) ينظر: الوسيط ٤/ ٤٧٠.
(٣) ينظر قوله في صحيح البخاري ٦/ ٨٢ كتاب التفسير: سورة "سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى". جامع البيان ٣٠/ ١٩١، الكشف والبيان ١٠/ ١٨٣، الوسيط ٤/ ٤٧٠، المحرر الوجيز ٥/ ٤٦٩، زاد المسير ٩/ ٨٨، تفسير القرطبي ١٥/ ٢٠.
(٤) ينظر قوله في شفاء الصدور ورقة ٢٣١/ أ، الكشف والبيان ١٠/ ١٨٣، الوسيط ٤/ ٤٧٠، زاد المسير ٩/ ٨٨، تفسير القرطبي ١٦/ ٢٠.
(٥) ينظر: تفسير القرطبي ٢٠/ ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>