للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَذَابٍ (١٣)} يعني: لَوْنًا من العذاب، والسَّوْطُ: اللَّوْنُ، والعرب تقول لكل لَوْنٍ من العذاب: سَوْطُ عَذابٍ (١)، وقيل (٢): معناه: قِطْعةَ عَذابٍ. قال أهل المعانِي (٣): وهذا على الاستعارة؛ لأن السَّوْطَ عندهم غايةُ العَذابِ، فَجَرَى ذلك لِكُلِّ عَذابٍ، قال الشاعر:

٥١٣ - ألَمْ تَرَ أنَّ اللَّهَ أظْهَرَ دِينَهُ... وَصَبَّ عَلَى الكُفّارِ سَوْطَ عَذابِ؟ (٤)

قوله: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (١٤) أي: عليه طَرِيقُ العِبادِ لا يَفُوتُهُ أحَدٌ، والمِرْصادُ والمَرْصَدُ: الطريق، وجمعه مَراصِدُ (٥)، وهذه الآية جواب القسم، وقد اعْتَرَضَ بَيْنَ القَسَمِ وَجَوابِهِ قولُهُ: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (٦)}.


(١) قال الفراء: "هذه كلمة تقولها العرب لكل نوع من العذاب تُدْخِلُ فيه السَّوْطَ، جرى به الكلامُ والمَثَلُ". معانِي القرآن ٣/ ٢٦١، وقال مِثْلهُ النَّقّاشُ في شفاء الصدور ورقة ٢٣٧/ ب، وحكاه الأزهري عن الفراء في تهذيب اللغة ١٣/ ٢٤.
(٢) قاله أبو عمر الزاهد في ياقوتة الصراط ص ٥٧٥.
(٣) قاله الفراء في معانِي القرآن ٣/ ٢٦١، وحكاه الأزهري عنه في تهذيب اللغة ١٣/ ٢٤، وينظر: الكشف والبيان ١٠/ ١٩٩، ثمار القلوب للثعالبي ص ٦٧٩، وقال الزمخشري: "ومن المجاز: صَبَّ عليهم سَوْطَ عَذاب، وَساقَ الأُمُورَ بِسَوْطٍ واحِدٍ، وهما يَتَعاطَيانِ سَوْطًا واحدًا: إذا اتَّفَقا على نَجْرٍ واحِدٍ وَخُلُقٍ واحِدٍ". أساس البلاغة: سوط.
(٤) البيت من الطويل، لأوْسِ بن بُجَيْر الطّائِيِّ يخاطب أبا بكر الصديق بعد أن شارك في وَقْعةِ بُزاخةَ، ويُرْوَى:
ألَمْ تَرَ أنَّ اللَّه لَا رَبَّ غَيْرُهُ... يَصُبُّ عَلَى الكُفّارِ سَوْطَ عَذابِ؟
وَنُسِبَ لِعُمَيْرِ بن بُجْرةَ برواية أخرى، وهي:
ألَمْ تَرَ أنَّ اللَّه يَوْمَ بُزاخةٍ... أحالَ عَلَى الكُفّارِ سَوْطَ عَذابِ؟
التخريج: الكشف والبيان ١٠/ ٢٠٠، عين المعانِي ورقة ١٤٥/ أ، تفسير القرطبي ٢٠/ ٤٩، الإصابة ١/ ٣٥٧، اللباب في علوم الكتاب ٢٠/ ٣٢٢، فتح القدير ٥/ ٤٣٦.
(٥) قاله ابن خالويه في إعراب ثلاثين سورة ص ٧٩، وينظر: تهذيب اللغة ١٢/ ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>