للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْمٍ، فَألْهَمَهُم الخَيْرَ، وَأدْخَلَهُمْ فِي رَحْمَتِهِ، وابْتَلَى قَوْمًا، فَخَذَلَهُمْ وَذَمَّهُمْ على أفْعالِهِمْ، وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا غَيْرَ ما ابْتَلَاهُمْ بِهِ، فَعَذَّبَهُمْ وَقَدْ عَدَلَ فِيهِمْ" (١).

وقد رُوِيَ في هذه الآيةِ الحَدِيثُ الصَّحِيحُ، وَأنَّ تفسيرها: "التَّوْفِيقُ مِنَ اللَّهِ لِلْخَيْرِ والخِذْلَانُ لِلشَّرِّ" (٢)، رواه مُسْلِمٌ بإسناده عن عِمْرانَ بنِ الحُصَيْنِ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} يعني: سَعِدَ وَفازَ مَنْ أصْلَحَها وَطَهَّرَها من الذُّنُوبِ، وهذا جواب القسم.

قوله: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} خابَتْ وَخَسِرَتْ نَفْسٌ أضَلَّها اللَّه وَأغْواها، وقيل: المعنى: أفْلَحَ مَنْ زَكّاهُ اللَّه، وَخابَ مَنْ أضَلَّهُ اللَّهُ.

وأصل {دَسَّاهَا}: دَدسَّمَمها من التَّدْسِيسِ، وهو إخْفاءُ الشَّيْءِ، لَكِنْ أبْدَلُوا من السين الثانية ياءً، وَقُلِبَتْ ألِفًا لِتَحْرِيكِها وانْفِتاحِ ما قَبْلَها (٣)، وقيل (٤):


(١) ينظر: طبقات المحدثين بأصبهان ٢/ ٤١٣ - ٤١٤، الوسيط ٤/ ٤٩٦، كنز العمال ١/ ١١٤.
(٢) رواه مسلم في صحيحه ٨/ ٤٧ كتاب القَدَرِ: باب حِجاجِ آدَمَ وَمُوسَى، عليهما السلام، وينظر: كتاب السُّنّة لابن أبِي عاصم ص ٧٦، ٧٧، المعجم الكبير للطبرانِي ١٨/ ٢٢٣، ٢٢٤، جامع البيان ٣٠/ ٢٦٥.
(٣) قاله ابن خالويه والجوهري، ينظر: إعراب ثلاثين سورة ص ١٠٢، الصحاح ٦/ ٢٣٣٦، وينظر أيضًا: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٧٧، المخصص ١٣/ ٢٨٨.
(٤) قاله الفراء وابن السكيت وابن قتيبة والزجاج، ينظر: معاني القرآن للفراء ٣/ ٢٦٧، الإبدال لابن السكيت ص ١٣٤، تأويل مشكل القرآن ص ٣٤٤، أدب الكاتب ص ٣٧٦، غريب القرآن لابن قتيبة ص ٥٣٠، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٣٣٢، وحكاه الأزهري عن الليث وابن الأعرابِيِّ في تهذيب اللغة ١٢/ ٢٨١، ١٣/ ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>