للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَصِيرُ لَهُ كالغِشاءِ، فحذف المفعول (١)، وقيل (٢): يَغْشَى النَّهارَ بظُلْمَتِهِ، فَيُذْهِبُ ضَوْءَ النَّهارِ كقوله تعالى: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا} (٣)، {وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى}؛ أي: ظَهَرَ وَبانَ، والمعنى: تَجَلَّى عن ظُلْمةِ اللَّيْلِ، أقْسَمَ اللَّهُ تعالَى بالليل والنهار (٤)، وله أن يُقْسِمَ بِما شاءَ مِنْ خَلْقِهِ، وقال الصَّفّارُ (٥): قوله: {وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} خفض على العطف، وليستْ بِواوِ قَسَمٍ.

قوله: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (٣)} قال مقاتل والكَلْبِيُّ (٦): يعني آدَمَ وَحَوّاءَ، و"ما" والفعل مصدر؛ أي: وَخَلْقِ الذَّكَرِ والأُنْثَى، وقيل: "ما" بمعنى "مَنْ"، أقْسَمَ اللَّهُ تعالَى بنفسه، وقيل: "ما" بمعنى "الذي" (٧)، وهو قول الحَسَنِ والكَلْبِيِّ (٨)، وجواب القسم قوله تعالى: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى}؛ أي: إنَّ عَمَلَكُمْ لَمُخْتَلِفٌ، عَمَل لِلْجَنّةِ وَعَمَلٌ لِلنّارِ.

قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) أي: أعْطَى مالَهُ في سبيل اللَّه، واتَّقَى رَبَّهُ، واجْتَنَبَ مَحارِمَهُ {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) أي: أيْقَنَ بِالخَلَفِ، وقيل: بالجنة،


(١) قاله النحاس في إعراب القرآن ٥/ ٢٤١، وينظر: تفسير القرطبي ٢٠/ ٨٠.
(٢) قاله ابن عباس والطبري والنقاش والثعلبي، ينظر: جامع البيان ٣٠/ ٢٧٣، شفاء الصدور ورقة ٢٤٤/ أ، الكشف والبيان ١٠/ ٢١٦، زاد المسير ٩/ ١٤٥.
(٣) الأعراف ٥٤.
(٤) ذهب الزجاج إلَى أن قوله تعالى: "والنَّهارِ" قَسَمٌ آخَرُ، وليس معطوفا على "واللَّيْلِ"، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٣٣٥.
(٥) يعني النحاس، ينظر: إعراب القرآن ٥/ ٢٤١.
(٦) ينظر قولهما في الوسيط للواحدي ٤/ ٥٠١، زاد المسير ٩/ ١٤٥، تفسير القرطبي ٢٠/ ٨٢.
(٧) ينظر ما سبق من آراء في "ما" هذه في الآية الخامسة من سورة الشمس ٤/ ٤٤٥.
(٨) ينظر قولهما في جامع البيان ٣٠/ ٢٧٥، الوسيط ٤/ ٥٠١، عين المعانِي ورقة ١٤٥/ ب، تفسير القرطبي ٢٠/ ٨٠ - ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>