للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣)} وَعِيدٌ لَهُمْ {ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤)} أكَّدَ ذلك الوعيدَ وَكَرَّرَهُ، قال الفَرّاءُ (١): والكلمة قد تُكَرِّرُها العَرَبُ على التغليظ والتخويف، وهذا من ذلك.

والمعنى: سوف تعلمون عاقبة تكاثركم وتفاخركم إذا نَزَلَ بكم الموتُ، {كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (٥) أي: عِلْمًا يَقِينًا، فَأضاف العِلْمَ إلَى اليقين كقوله: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ} (٢)، وجواب {لَوْ} محذوف (٣)، والمعنى: لو تعلمون الأمْرَ عِلْمًا يَقِينًا لَشَغَلَكُمْ ما تعلمون عن التكاثر والتفاخر.

ثم أوْعَدَهُمْ وعيدا آخَرَ، فقال: {لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (٦) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (٧)} وَعِيدٌ بَعْدَ وَعِيدٍ، الأولى استئناف، والثانية توكيد، واللام لام القسم، والمعنى: واللَّهِ لَتَرَوُنَّ، و {عَيْنَ الْيَقِينِ} نصب على المصدر؛ لأن المعنى: ثُمَّ لَتُعايِنُنَّها عَيْنًا يَقِينًا.

قرأ العامة: {لَتَرَوُنَّ} بفتح التاء في الموضعين، وقرأ الكسائي وابن عامر بضم التاء فِي الأُولَى منهما وَفَتْحِ الأخرى (٤)، والمعنى: لَتَرَوُنَّ الجَحِيمَ بِأبْصارِكُمْ على البُعْدِ منكم، ثم لَتَرَوُنَّها مُشاهَدةً، {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ


(١) معانِي القرآن ٣/ ٢٨٧.
(٢) الواقعة ٩٥.
(٣) قاله النحاس في إعراب القرآن ٥/ ٢٨٣، وذهب الكسائي إلَى أن جواب "لَوْ" في أول السورة، والتقدير: لو تعلمون علم اليقين ما ألْهاكُم التكاثرُ، ينظر: إعراب القرآن ٥/ ٢٨٤.
(٤) قرأ الكسائي وابن عامر: {لَتُرَوُنَّ الْجَحِيمَ. ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا} بالضم، وقرأ باقي السبعة بالفتح فيهما، وقرأ عَلِيُّ بن أبِي طالب وابن كثير وعاصم كلاهما في روايةٍ: {لَتَرَوُنَّ} بالفتح {ثُمَّ لَتُرَوُنَّهَا} بالضم، وقرأ مجاهد والأشهب وابن أبِي عَبْلةَ بضم التاء فيهما، ينظر: السبعة ص ٦٩٥، مختصر ابن خالويه ص ١٧٩، تفسير القرطبي ٢٠/ ١٧٤، البحر المحيط ٨/ ٥٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>