للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وَلِيَ دِينِ" بفتح الياء، وَمِثْلَهُ رَوَى حَفْصٌ عن عاصمٍ، وَهِشامٌ عن أهل الشام، وقرأ غيرهم بِجَزْمِهِ (١).

وَكُسِرَتْ لامُ الجَرِّ مع المضمر -الذي هو الياءُ ضَمِيرُ المتكلم-؛ لأن ما قبل ياء المتكلم لا يكون إلّا مكسورًا، وكذلك هي مع الاسم الظاهر مكسورةٌ، وهي مع سائر المضمرات مفتوحةٌ، وأصلها الفتح؛ لأن الأسماء تَرُدُّ الأشياءَ إلَى أصولها، مثل: لَكَ وَلَهُ وَلَها وَلَهُمْ ونحوه (٢).

و {دِينِ} اسمٌ مبتدأٌ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ فيه الإعرابُ؛ لأنه مضاف إلَى ياء النفس، وأصله: دِينِي، فحُذفت الياء اختصارًا، واجْتُزِئَ بالكسرة منه (٣)، وَخَبَرُهُ في "لِي" الجارِّ والمَجْرُورِ، فحُذفت الياء؛ لأن الآيات بالنون كما قال: {فَهُوَ يَهْدِينِ} (٤)، {وَيَسْقِينِ} (٥)، واللَّه أعلم.


(١) قرأ أبو عمرو وَحَمْزةُ والكِسائيُّ، وابنُ ذَكْوانَ عن ابن عامرٍ، وإسماعيلُ بنُ جعفر عن نافع: "وَلِي دِينِ" بإسكان الياء، وبها قرأ أيضًا، القَوّاسُ، وَشِبْلٌ والبَزِّيُّ في أكثر الروايات عنهما عن ابن كثير، وقرأ الباقون بفتح الياء، ورواها الدَّبّاغُ عن أبِي الربيع عن شبل عن ابن كثير، ومُضَرُ عن البَزِّيِّ عن ابن كثير، وهشامٌ عن ابن عامر، وحَفْصٌ عن عاصم، ينظر: السبعة ص ٦٩٩ - ٧٠٠، تفسير القرطبي ٢٠/ ٢٢٩.
(٢) قال سيبويه: "هذا بابُ ما تَرُدُّهُ علامةُ الإضمار إلَى أصله، فَمِنْ ذلك قولك: لِعَبْدِ اللَّهِ مالٌ، ثم تقول: لَكَ مالٌ، وَلَهُ مالٌ، فتفتح اللام، وذلك أن اللام لو فتحوها في الإضافة لا لتبست بلام الابتداء إذا قال: إنَّ هَذا لَعَلِيٌّ، وَلَهَذا أفْضَلُ مِنْكَ". الكتاب ٢/ ٣٧٦.
وينظر أيضًا: المقتضب ١/ ٣٨٩، الأصول ٢/ ١٢٤، اللامات للزجاجي ص ٩٥ - ٩٨، شرح الكافية للرضي ٤/ ٢٩٠ - ٢٩١، الجنى الدانِي ص ١١١، ارتشاف الضرب ص ١٧٠٦، مغني اللبيب ص ٢٧٤.
(٣) قاله ابن خالويه في إعراب ثلاثين سورة ص ٢١٥.
(٤) الشعراء ٧٨.
(٥) الشعراء ٧٩، وهذا قول الفراء في معانِي القرآن ٣/ ٢٩٧، وينظر: شفاء الصدور ورقة ٢٦٩/ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>